أبرز الحرف اليدوية التي تشتهر بها السعودية
تعد الحرف اليدوية في المملكة العربية السعودية جزء أصيل من التراث الثقافي، فهي الصناعات التي تعتمد على المهارات اليدوية التقليدية أو استخدام أدوات بسيطة دون الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة. يقوم على إنتاجها حرفيون محترفون، سواء بشكل فردي أو ضمن مجموعات، حيث يستخدمون المواد المحلية الطبيعية ويحولونها بطرق تقليدية إلى منتجات تلبي احتياجات المجتمع المحلي والسياح. هذه المنتجات ليست مجرد سلع، بل تعبر عن هوية ثقافية متجذرة في تاريخ المملكة.
تنوع الحرف اليدوية في المملكة
تتنوع الحرف اليدوية في السعودية بشكل كبير، وتشمل مجموعة واسعة من الصناعات التي تلبي احتياجات الحياة اليومية وتعكس التراث الثقافي للبلاد. ومن بين أبرز الحرف اليدوية:
- التطريز اليدوي: يعتمد على مهارات دقيقة في حياكة الأقمشة وزخرفتها.
- حياكة السدو: من الحرف التقليدية التي تبرز براعة الحرفيين.
- صناعة المنتجات الخوصية: تشمل السلال والحصير المصنوع من سعف النخيل.
- منتجات النباتات العطرية: مثل عطر الورد الطائفي.
- الحلوى الشعبية: التي تعد عنصر مهم في الثقافة الغذائية التقليدية.
وفقاً للإحصاءات، يعمل حوالي ثلث الحرفيين في المملكة ضمن هذه المجالات، بينما يتوزع البقية على نحو 45 مجموعة حرفية أخرى.
المهارات والحرفيون
تعتمد هذه الحرف على المهارات الفردية للحرفيين، والتي تُكتسب عبر سنوات من الممارسة والتدريب. يظهر في كل منتج يدوي قيمة ثقافية فريدة تتجلى في:
- التكيف: التعامل مع المواد المحلية الطبيعية.
- التجديد: التطوير المستمر لتلبية متطلبات العصر.
- الإبداع: تصميم منتجات مبتكرة تحتفظ بجذورها التراثية.
الحرف اليدوية ضمن قائمة اليونسكو
تُعد المملكة رائدة في الحفاظ على الحرف اليدوية، حيث تم إدراج حرفتين ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ"اليونسكو":
- حياكة السدو (2020): أحد أقدم الفنون الحرفية التي مارسها سكان الجزيرة العربية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
- فن القط العسيري (2017): يعتمد على الزخارف الهندسية والنباتية لتزيين الجدران الداخلية.
يتميز كلا الفنّين بأنهما يعتمد بشكل كبير على الحرفيات السعوديات، مما يعكس الدور البارز للمرأة في صون التراث.
دور الجمعيات المهنية
في عام 2019، تأسست الجمعية المهنية للحرفيين السعوديين لتكون مظلة داعمة للحرفيين. بلغ عدد المسجلين في الجمعية حينها حوالي 5 آلاف حرفي وحرفية. وتصدرت منطقة مكة المكرمة القائمة بـ 1077 حرفيًا، تلتها المنطقة الشرقية بـ 647، ومنطقة الرياض بـ603.
تتولى الجمعية مسؤولية:
- تسجيل الحرفيين وتنظيمهم.
- توفير الدعم والتدريب.
- حماية التراث وتطوير الصناعات.
أسس الحرف اليدوية في السعودية
بحسب تعريف "اليونسكو"، تعبر الحرف اليدوية عن التقاليد الحية للإنسان، وتجسد أسس التنمية المستدامة الثلاثة: التكيف، التجديد، والإبداع.
وفي السعودية، حظيت هذه الحرف باهتمام خاص عبر:
- المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية): الذي قدم منصة بارزة للحرفيين.
- البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية (بارع): الذي أُنشئ في 2012 بهدف إصدار التراخيص، ودعم الحرفيين، وتنفيذ استراتيجية شاملة للحفاظ على الحرف اليدوية.
- الشركة السعودية للحرف والصناعات اليدوية (2018): التي تعمل تحت مظلة هيئة التراث.
الحرف اليدوية في المناطق السعودية
منطقة الرياض
تعد الرياض مركز رئيسي للحرف اليدوية، ومن أبرزها:
- حياكة السدو.
- البناء بالطين كما يظهر في قصر المصمك.
- صناعة المنتجات الخوصية والزلال.
المنطقة الشرقية
تشتهر المنطقة الشرقية بحرفياتها الفريدة، مثل:
- صناعة البشوت ويُعد البشت الحساوي الأغلى سعراً.
- الفخار والخوصيات.
- شباك وأقفاص الصيد البحري.
منطقة نجران
نجران غنية بالصناعات الحرفية التي تشمل:
- صناعة الجنابي تُعد الأكثر شهرة وانتشار.
- الحرف الجلدية مثل الميزب والمشراب.
- الصناعات الفخارية والنسيج.
منطقة مكة المكرمة
تتميز مكة المكرمة بعدة حرف مثل:
- صناعة السبح باستخدام خشب العنبر والخامات الفاخرة.
- عطر الورد الطائفي الذي يُعد منتج مميز في الطائف.
المنطقة الشمالية
تشمل مناطق حائل، الجوف، الحدود الشمالية، وتبوك، وتتميز بالحرف التقليدية التي يتم عرضها في المهرجانات الوطنية.
منطقة المدينة المنورة
تشتهر المدينة المنورة بحرفياتها مثل:
- الفخار والغزل والنسيج.
- منتجات البحر في ينبع، مثل صناعة القوارب.
جنوب السعودية
تشمل المناطق الجنوبية مثل عسير والباحة وجازان، وتتميز بـ:
- الحرف الزراعية مثل الأدوات اليدوية والمنسوجات.
- إنتاج العسل.
- نقش القط العسيري.
منطقة القصيم
اشتهرت القصيم بالحرف اليدوية التقليدية مثل:
- صناعة الصحاف الخشبية.
- المنتجات الخوصية والخشبية.
- أدوات الزراعة القديمة.
دعم الحرف اليدوية وتعزيزها
تولي المملكة اهتمامًا كبير لدعم الحرف اليدوية، سواء من خلال المبادرات الحكومية أو الجمعيات المهنية، أو عبر تسويق المنتجات في المهرجانات والأسواق الشعبية. كما أن توثيق هذه الحرف ضمن قوائم التراث الثقافي يعكس الجهود المستمرة في الحفاظ عليها كجزء لا يتجزأ من الهوية السعودية.
تمثل الحرف اليدوية السعودية أكثر من مجرد صناعات تقليدية؛ إنها انعكاس حي لروح الإبداع والتراث الثقافي العريق الذي يمتد جذوره في أعماق تاريخ المملكة. فكل قطعة يتم إنتاجها ليست مجرد منتج مادي، بل هي حكاية تنبض بالحياة، تعبّر عن القيم والتقاليد التي شكلت الهوية السعودية عبر القرون. ومن خلال الحفاظ على هذه الحرف وتطويرها، تتمكن المملكة من صون إرثها الثقافي ونقله إلى الأجيال القادمة، مما يعزز من شعور الفخر والانتماء الوطني.