دور المرأة السعودية في الابتكار التقني والاقتصادي

 

تعتبر المملكة العربية السعودية نموذج رائد في دعم وتمكين مواطنيها من جميع الفئات والأعمار، مع التركيز بشكل خاص على دور المرأة في كافة المجالات. في إطار رؤية المملكة 2030، التي أطلقتها القيادة الحكيمة تحت إشراف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، كان للمرأة السعودية حضور لافت في تطوير الاقتصاد والمشاركة الفاعلة في عجلة التنمية المستدامة. فقد سعت الحكومة السعودية إلى تعزيز مكانة المرأة من خلال عدة إصلاحات وتعديلات قانونية وإدارية، مما فتح المجال أمامها للمشاركة الفعالة في العمل الاجتماعي والاقتصادي.

 

 

الرؤية الشاملة للتمكين

تستند رؤية 2030 إلى ثلاثة محاور رئيسية: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. هذه المحاور تشكل الإطار العام الذي تسعى من خلاله المملكة إلى تحقيق التنمية المستدامة. في هذا السياق، عملت المملكة على تمكين المرأة في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية، ودعمت مشاركتها في القطاعات المختلفة عبر مجموعة من التشريعات والسياسات التي تعزز حقوقها وتفتح أمامها الفرص للمساهمة الفاعلة في جميع مجالات العمل.

أولت القيادة السعودية اهتمام خاص للمرأة من خلال تنفيذ عدة إصلاحات تشريعية، أبرزها تعديلات على قوانين العمل والتعليم والحقوق الاجتماعية، إضافة إلى تمكينها من شغل المناصب العليا في الحكومة والقطاع الخاص. كما شجعت القيادة على إشراك المرأة في العمليات السياسية من خلال الترشح للمجالس البلدية والغرف التجارية، بل وتعينها في مجلس الشورى والمجالس العليا الأخرى.

 

المرأة في ريادة الأعمال

فيما يتعلق بمجال ريادة الأعمال، شهدت المملكة تحول كبير في السنوات الأخيرة. كانت المرأة السعودية جزء أساسي من هذا التحول، حيث نجحت في تأسيس وإدارة مشروعات صغيرة ومتوسطة ساهمت في نمو الاقتصاد المحلي. دعم الحكومة للمرأة في هذا المجال كان واضحًا من خلال توفير مراكز التدريب المتخصصة في ريادة الأعمال، بالإضافة إلى دعم المشاريع الناشئة من خلال الإرشادات المهنية وتقديم المشورة الفنية، إلى جانب تيسير الحصول على التمويل.

تجسد نجاحات النساء في ريادة الأعمال في العديد من النماذج المشرفة التي أثبتت جدارتها محلي ودولي. على سبيل المثال، رائدة الأعمال طرفة المطيري التي تخصصت في إنتاج الملابس العسكرية، وهي أول سعودية تدخل هذا المجال. بالإضافة إلى نجاحها في تصميم وإنتاج بدلة للتخفي الحراري والبصري بمكونات سعودية 100%. كما تمكنت رائدة الأعمال رؤى سعود صابر من تأسيس مصنع للشوكولاتة يغطي السوق السعودي، وقد أسهم هذا المشروع في توظيف عدد كبير من النساء السعوديات.

 

التمكين الصناعي والتقني

من جهة أخرى، أطلقت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" عدة مبادرات لدعم مشاركة المرأة في القطاع الصناعي، مثل زيادة عدد السعوديات العاملات في المدن الصناعية. ففي عام 2020، ارتفعت أعداد النساء العاملات في المدن الصناعية من 7860 موظفة في عام 2018 إلى 17 ألف موظفة. ومن المقرر إطلاق منتج المصانع الجاهزة الصغيرة المخصص للاستثمارات النسائية في المدينة الصناعية بالدمام، وهي خطوة تمثل تجربة جديدة لدعم المشروعات النسائية في المملكة.

كما تبنت الحكومة العديد من السياسات التي تهدف إلى تعزيز الابتكار في المملكة، من خلال دعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات متناهية الصغر، وهو ما يمثل دعم أساسي لرواد الأعمال السعوديين، سواء كانوا من الرجال أو النساء. تسهم هذه المبادرات في تحفيز الابتكار في مختلف المجالات، وخاصة تلك التي تهدف إلى معالجة قضايا مجتمعية قائمة.

 

دعم التعليم والابتكار

ساهمت المملكة في تشجيع تعليم المرأة وتوفير الفرص لتعلم مهارات جديدة تسهم في تطوير المجتمع. على سبيل المثال، تم إطلاق برامج عديدة لدعم تعليم المرأة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا، بما في ذلك دعم برامج التدريب المتخصصة في مجالات مثل التكنولوجيا الرقمية والعلوم والهندسة. هذه المبادرات تعمل على تزويد النساء بالمهارات اللازمة للمشاركة في سوق العمل، مما يساعد في دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني.

 

القوانين والإصلاحات الاجتماعية

لا تقتصر جهود المملكة على تمكين المرأة في مجال الأعمال فحسب، بل امتدت إلى تطوير التشريعات التي تضمن حقوق المرأة في كافة جوانب الحياة. فقد منحت وزارة العدل المرأة السعودية العديد من الحقوق القانونية، من بينها حق توثيق العقود والشهادات القانونية، وهي خطوة تساهم في تسهيل الإجراءات الإدارية والمالية للنساء في المملكة.

وفيما يخص مجال العمل، كان لبرنامج "تحقيق التوازن المالي" دور كبير في تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال تعزيز فرص العمل للمرأة. كما ساهمت المملكة في توفير بيئة عمل مرنة للنساء من خلال تشجيع العمل عن بُعد والعمل الجزئي، وهو ما يتيح للنساء التوازن بين حياتهن العملية والشخصية.

 

برامج الدعم الحكومي

من أبرز البرامج التي قدمتها الحكومة لدعم المرأة، برنامج "وصول" الذي يساعد المرأة العاملة على التنقل بسهولة ويسر من خلال توفير الدعم المالي للنقل، مما يخفف من الأعباء المالية التي قد تواجهها النساء العاملات في القطاع الخاص. كما تم تنفيذ برنامج "قرّة" الذي يساعد النساء في الحصول على خدمات حضانة لأطفالهن، ما يسهم في تمكين المرأة من العودة إلى سوق العمل بكل يسر.

 

التطورات المستقبلية

من بين التطورات التي تترقبها المملكة في المستقبل القريب، هو زيادة نسبة تمثيل النساء في مواقع القيادة واتخاذ القرارات، حيث يهدف مجلس الشورى إلى رفع نسبة النساء في المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص، وكذلك زيادة مشاركتهن في مجالس الإدارة. في إطار رؤية 2030، يسعى المجلس إلى رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% بحلول عام 2030، من خلال تنفيذ عدة استراتيجيات تهدف إلى فتح المزيد من الفرص للنساء في مختلف المجالات.

 

لم يكن تمكين المرأة السعودية جزء عابر، بل هو عملية مستمرة تتمثل في رؤية شاملة تهدف إلى إحداث تغييرات جذرية في المجتمع السعودي. من خلال المبادرات الحكومية والدعم المستمر، أصبحت المرأة السعودية قادرة على تحدي الصعاب والمشاركة في دفع عجلة التنمية، مما يعزز من دورها الفاعل في بناء وطن طموح ومستقبل مشرق.