جسر الملك فهد .. أبرز الأرقام والإحصاءات
يعد جسر الملك فهد أحد أبرز الإنجازات الهندسية التي تربط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، وهو ليس مجرد جسر بحري عادي بل صرح حضاري يحمل في طياته قيمة اقتصادية، اجتماعية، وسياحية هامة لدول الخليج العربي. يبلغ طول الجسر حوالي 25 كيلومتراً بعرض 23.2 متراً، ممتداً من جنوب مدينة الخبر السعودية وصولاً إلى قرية الجسرة البحرينية. افتُتح الجسر رسمياً في 25 نوفمبر 1986 على يد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذي أطلق عليه اسم "جسر الملك فهد"، تكريماً للملك فهد بن عبد العزيز آل سعود.
أهمية الجسر الاقتصادية والاجتماعية
منذ افتتاحه، لعب الجسر دور مهم في تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين السعودية والبحرين. فهو يُعد ممر حيوي يعزز التعاون بين الدولتين الشقيقتين ودول مجلس التعاون الخليجي. ووفقاً لإحصائيات المؤسسة العامة لجسر الملك فهد، فقد عبر الجسر أكثر من 382 مليون مسافر خلال 32 عام، بمعدل يومي بلغ حوالي 74,000 مسافر. وفي عام 2019، سجل الجسر رقم قياسي جديد بعدد 2,918,993 مسافر خلال العام. هذا الحراك الكبير عبر الجسر يعكس مدى تأثيره في تسهيل حركة الأفراد والبضائع بين البلدين.
إنجازات بارزة في مجال السلامة
في يوليو 2024، حصل جسر الملك فهد على تصنيف الأربع نجوم في مجال السلامة على الطرق وفقاً لمعايير البرنامج الدولي لتقييم الطرق (iRAP). يعد هذا التصنيف إنجاز جديد يبرز الجهود المبذولة في تحسين البنية التحتية وضمان سلامة المسافرين.
فكرة إنشاء الجسر: رؤية بدأت في الستينات
تعود فكرة إنشاء الجسر إلى عام 1965 عندما استقبل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء البحريني، في المنطقة الشرقية. أبدى الشيخ خليفة رغبته في بناء جسر يربط السعودية بالبحرين، فلاقى ذلك قبول الملك فيصل الذي أمر بتشكيل لجنة مشتركة لدراسة المشروع.
استمرت الدراسات والتخطيط حتى عهد الملك خالد بن عبد العزيز، حيث اكتملت دراسات المشروع وتمت الموافقة على إنشائه. في عام 1981، وقعت السعودية عقد البناء مع الشركة الهولندية بالاست نيدام، ليبدأ العمل فعلياً في سبتمبر من نفس العام. واستغرقت أعمال البناء أربع سنوات ونصف، حيث تم افتتاح الجسر رسمياً في نوفمبر 1986.
إحصائيات إنشاء الجسر
أرقام البناء تشير إلى الحجم الهائل للمشروع:
- استخدمت 345 ألف متر مكعب من الأسمنت و25 ألف طن من الخرسانة المسلحة.
- تضمنت الأعمال 10 آلاف طن من الفولاذ مسبق الإجهاد و9.5 مليون متر مكعب من التربة المرفوعة.
- بلغت تكاليف الكيلومتر الواحد من السدود الركامية حوالي 68 مليون ريال سعودي.
- خلال ذروة العمل، بلغ عدد العاملين في المشروع حوالي 1500 عامل في البحرين.
أما من ناحية الاستخدام، فقد بلغ عدد المركبات العابرة منذ افتتاح الجسر وحتى عام 2001 أكثر من 25 مليون مركبة، بمعدل يومي بلغ 4,989 مركبة. بينما بلغ عدد المسافرين 64.7 مليون مسافر، بمتوسط يومي 22,971 مسافر.
الجزيرة الوسطية: وجهة سياحية مميزة
تعتبر الجزيرة الوسطية للجسر واحدة من أبرز معالمه السياحية. تقع الجزيرة الصناعية في منتصف الجسر، وهي مكونة من أربع سدود ركامية تشكل وجهة فريدة للزوار. تضم الجزيرة مرافق ترفيهية متعددة، منها المطاعم والمقاهي، إلى جانب البرج السعودي الذي يوفر إطلالات رائعة على البحرين والخُبر.
تكلفة البناء وأهميته الإقليمية
على الرغم من أن الجسر ليس الأطول في العالم، إلا أنه الأطول في منطقة الشرق الأوسط، وقد بلغت تكلفة إنشائه حوالي 564 مليون دولار. يُعد الجسر أحد أكثر مشاريع الجسور تكلفة على مستوى العالم، ولكنه في الوقت ذاته يمثل إنجاز حضاري فريد، حيث استغرقت الدراسات اللازمة له 25 عام، بينما استغرق تنفيذه أربع سنوات ونصف.
تطورات جسر الملك فهد
تعمل المؤسسة العامة لجسر الملك فهد باستمرار على تحسين تجربة العبور عبر الجسر، خاصة خلال فترات الذروة كالأعياد والإجازات. تشمل التطويرات:
- تشغيل جميع بوابات الرسوم لتسهيل حركة العبور.
- توفير خدمات التشغيل والصيانة بشكل مستمر.
- تحصيل الرسوم بطريقة مرنة تشمل فئات متنوعة من المركبات، مما يضمن تنظيم الحركة وتخفيف الازدحام.
- توسعة المسارات وزيادة الطاقة الاستيعابية
في عام 2008، بدأت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد مشروع لتوسعة المسارات بتكلفة تجاوزت 62.5 مليون ريال سعودي. تشمل التوسعة:
- زيادة الطاقة الاستيعابية لمناطق المركبات بنسبة 350%.
- تحسين مناطق الشحن بنسبة 200%.
- إنشاء مسارات جديدة تسهم في تسهيل حركة النقل.
- السياحة والخدمات في الجزيرة الصناعية
إلى جانب دور الجسر كوسيلة نقل، تلعب الجزيرة الصناعية دور سياحي رئيسي. تشمل الخدمات المقدمة:
- مطاعم متنوعة توفر تجربة طعام فريدة.
- مكاتب تأجير السيارات وشركات الاتصالات.
- قاعات استقبال وحدائق للنزهة.
- مكاتب للجمارك والجوازات والأمن العام، مما يضمن راحة وسلاسة العبور.
كما تضم الجزيرة مركزين للمعلومات يعرضان تفاصيل إنشاء الجسر ومراحله المختلفة، إلى جانب صور ومجسمات تعليمية.
مشروع التوسعة المستقبلية
تهدف الخطط المستقبلية للجسر إلى تحسين الخدمات بشكل أكبر. المشاريع تشمل خطط قصيرة وبعيدة المدى لتوسعة مناطق المركبات والشحن وزيادة الكفاءة التشغيلية. ومن المتوقع أن تساهم هذه التوسعات في رفع كفاءة العبور وزيادة الطاقة الاستيعابية لمواجهة تزايد أعداد المسافرين.
رمز للتعاون الخليجي
يظل جسر الملك فهد رمز للتعاون بين السعودية والبحرين، حيث يمثل ممر حيوي يجسد روح الوحدة بين دول الخليج العربي. سواء كنت مسافر للعمل أو الترفيه، فإن الجسر يوفر تجربة سفر آمنة وسلسة، مع خدمات متكاملة تجعل العبور تجربة مريحة ومميزة.
يُعد جسر الملك فهد أكثر من مجرد وسيلة نقل بين دولتين، فهو رمزٌ للترابط الخليجي والتعاون المشترك بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. بفضل دوره الاقتصادي والسياحي والاجتماعي، أصبح الجسر محطة أساسية تعزز من حركة الأفراد والبضائع بين البلدين، وتساهم في دفع عجلة التنمية في المنطقة بأسرها. ومع استمرار عمليات التطوير والتوسعة، سيظل جسر الملك فهد نموذج فريد يعكس التفوق الهندسي والرؤية المستقبلية التي تضمن بقاءه كأحد أهم المعالم الحضارية في الخليج العربي، ليس فقط كجسر يربط بين ضفتين، بل كحلقة وصل تُجسد روح الوحدة والتكامل بين الشعوب.