نظام الدفاع المدني في السعودية

 

نظام الدفاع المدني في السعودية يشكّل اليوم أحد الدعائم الأساسية في منظومة الأمن الوطني، إذ لم يعد دوره محصور في إطفاء الحرائق أو التدخل السريع أثناء الكوارث، بل انتقل إلى مفهوم شامل يتضمن الوقاية، والاستعداد، والاستجابة، والتعافي بعد أي حدث طارئ. تتعامل الأجهزة بهذا الفكر، وتظهر كفاءتها الميدانية في كل موقف، مما يعكس رؤية الدولة الثابتة نحو حماية المواطن والممتلكات في كل وقت.

 

 

لمحة تاريخية عن الدفاع المدني السعودي

صدر المرسوم الملكي رقم (م/10) في 10/5/1406هـ، ليؤسس منظومة متكاملة تربط بين الإدارات وتوضّح المهام والصلاحيات. ومنذئذ، مرَّ النظام بتحديثات دورية لمواكبة التحديات الجديدة من كوارث صناعية إلى تهديدات إشعاعية وأثر التقلبات المناخية، بل حتى لجوانب مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

وقد تم تطوير هذا النظام لاحقاً ليتواكب مع المتغيرات المحلية والعالمية، خصوصاً مع ظهور أنواع جديدة من المخاطر مثل الكوارث الصناعية، والتهديدات الإشعاعية، والتغيرات المناخية، والذكاء الاصطناعي.

 

تعريف نظام الدفاع المدني

يعرف النظام الدفاع المدني بأنه:

مجموعة التدابير والإجراءات التي تأخذ بيد السكان وتحمي ممتلكاتهم العامة والخاصة من الحرائق والاخطار الأخرى، وتضمن تقديم الإغاثة لمن تضرر وتوفير سلامة الحركة والمواصلات وحراسة موارد البلاد. ومن هنا، يركّز العمل على أركان أساسية:  الوقاية، أي تقليل احتمال وقوع الحوادث عبر تخطيط مدن آمنة، واشتراطات سلامة صارمة، وجولات تفتيش وقائي منتظمة.

يهدف النظام إلى تحقيق أربعة أركان أساسية:

  • الوقاية: تقليل احتمالية وقوع الكوارث من خلال التخطيط العمراني، اشتراطات السلامة، التفتيش الوقائي.
  • الاستعداد: تجهيز الإمكانات والموارد البشرية والمادية للتعامل مع الكوارث قبل وقوعها.
  • الاستجابة: التدخل السريع والمنظم عند وقوع الكارثة لتقليل الخسائر.
  • التعافي: إعادة الأوضاع إلى طبيعتها بعد انتهاء الحادث.

مهام الدفاع المدني كما حددها النظام

نصّت المادة الرابعة من نظام الدفاع المدني على المهام التالية:

  • تنفيذ التدابير الوقائية من الكوارث.
  • إطفاء الحرائق وأعمال الإنقاذ والإسعاف.
  • تخزين المواد والمعدات الضرورية للإغاثة.
  • تدريب المواطنين على أعمال الدفاع المدني.
  • مراقبة تطبيق أنظمة السلامة في المباني والمنشآت.
  • التنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة في حالات الطوارئ.
  • المشاركة في وضع خطط الطوارئ الوطنية.

وهذا يعني أن الدفاع المدني لا يعمل وحده، بل ضمن شبكة وطنية متعددة الأطراف، تعمل بتناغم لحماية المجتمع.

 

الجهات المشاركة في تنفيذ النظام

وفق النظام، فإن الدفاع المدني ليس جهة واحدة بل منظومة تضم العديد من الجهات الحكومية والخاصة، منها:

  • وزارة الصحة: تقديم الرعاية الطبية والإسعاف.
  • وزارة النقل: تسهيل حركة المرور في أوقات الطوارئ.
  • وزارة البيئة: معالجة الكوارث البيئية.
  • وزارة الطاقة: التعامل مع مخاطر المواد البترولية.
  • وزارة الإعلام: التوعية والتوجيه.
  • الهلال الأحمر السعودي: الإسعاف والإخلاء الطبي.
  • البلديات: صيانة المرافق وإزالة المخلفات.
  • القطاع الخاص: الالتزام بإجراءات السلامة في المصانع والفنادق والمجمعات التجارية.

أبرز أنواع المخاطر التي يتعامل معها النظام

يواجه الدفاع المدني السعودي طيف واسع من الأخطار، تشمل:

أولاً: الكوارث الطبيعية

مثل السيول، الزلازل، العواصف الرملية، والصواعق. وقد شهدت المملكة حوادث سيول مدمرة مثل كارثة جدة عام 2009، ما حفّز تطوير خطط الطوارئ المائية.

ثانياً: الحرائق

سواء في الأبراج السكنية أو المصانع أو الغابات، وتُعد من أكثر الحوادث تكرار. وقد طورت المديرية العامة تقنيات متقدمة في أنظمة الإطفاء والمراقبة.

ثالثاً: الحوادث الصناعية

خاصة في المدن الصناعية مثل الجبيل وينبع، وتشمل تسرب الغازات أو انفجارات المصانع.

رابعاً: المواد الخطرة والإشعاعية

مع تطور الصناعات ووجود مراكز أبحاث نووية وطبية، برزت الحاجة للتعامل المحترف مع هذه المواد.

خامساً: الحرائق الموسمية (الحج والعمرة)

الدفاع المدني يُعَد من أبرز الجهات التي تعمل في الحج لتأمين ملايين الحجاج من مختلف الجنسيات، وهو ما يتطلب قدر هائل من التنسيق والاحتراف.

 

التحول الرقمي في الدفاع المدني

ضمن رؤية السعودية 2030، خطت المملكة خطوات كبيرة في رقمنة الدفاع المدني، أبرزها:

  • منصة سلامة الإلكترونية: لإصدار تصاريح السلامة ومتابعة الالتزام.
  • تطبيق "فزعة": لتبليغ الدفاع المدني عن الحوادث عبر الجوال.
  • الذكاء الاصطناعي: للتنبؤ بالكوارث وإدارة الموارد.
  • الطائرات بدون طيار (درونز): لمراقبة المناطق الوعرة أو المحاصرة.
  • أنظمة الإنذار المبكر: عبر الرسائل النصية والتنبيهات.

هذا التحول الرقمي جعل استجابة الدفاع المدني أسرع وأكثر دقة، وقلل من الاعتماد على الإجراءات الورقية والبشرية.

 

التوعية المجتمعية

يعتمد نجاح نظام الدفاع المدني على وعي المجتمع. لذلك، تنظم المديرية العامة للدفاع المدني حملات توعوية دورية في المدارس، الجامعات، المجمعات التجارية، ووسائل الإعلام.

كما يتم تخصيص يوم الدفاع المدني العالمي (1 مارس) سنويًا، للتذكير بأهمية السلامة وتعزيز التعاون المجتمعي.

 

يمثل نظام الدفاع المدني في السعودية نموذج  رائد في الاستعداد والاستجابة لمواجهة الأخطار، ويعكس التزام الدولة العميق بحماية شعبها ومقدراتها. ومن خلال تطوير الأنظمة، وتكثيف التدريب، والتوسع في الرقمنة، فإن المملكة تسير بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر أمان واستقرار.

 

 

Related news
 
يوليو 9th, 2025 / قراءة دقيقة 3
يونيو 30th, 2025 / قراءة دقيقة 2