مشروع كورنيش جدة الجنوبي
يبرز مشروع كورنيش جدة الجنوبي كأحد أهم المبادرات لتطوير الواجهات البحرية في المملكة العربية السعودية وجدة بشكل خاص، يمتد مشروع كورنيش جدة الجنوبي على طول الساحل الجنوبي لعروس البحر الأحمر، ويهدف المشروع إلى إعادة إحياء منطقة كانت شبه مهجورة في جدة، ولكن المشروع الذي تقوم به المملكة في ظل رؤية 2030 سيحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية عالمية ومتنوعة من حيث الجانب الترفيهي والسياحي، و سنسلط الضوء في مقالنا هذا على سمات المشروع الحيوية وأهم مراحله وأهدافه والأثر المتوقع على المدينة بعد نهاية المشروع.
خلفية المشروع
تعتبر مدينة جدة من أكثر المدن السعودية تنوعًا من حيث التركيبة السكانية والاقتصادية، وتتميّز بموقعها الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، مما يمنحها إمكانيات هائلة للاستثمار في السياحة والترفيه. ومع أن الواجهة البحرية الشمالية شهدت تطورات كبيرة خلال السنوات الماضية، إلا أن الجزء الجنوبي من الكورنيش بقي مهمّشًا لفترة طويلة، رغم ما يتمتع به من مقومات طبيعية ومساحات قابلة للتطوير.
جاءت فكرة تطوير كورنيش جدة الجنوبي لتصحيح هذا الخلل، وتحقيق التوازن الجغرافي في الخدمات والبنية التحتية، عبر إقامة مشروع متكامل يمتد على عدة كيلومترات من الساحل الجنوبي، ويهدف إلى إنشاء مساحات عامة جاذبة ومرافق تخدم الأهالي وتعزز من جودة الحياة.
مكونات المشروع
يعتبر المشروع متكامل ومتعدد الاستخدامات، حيث يتضمن مشروع الكورنيش الجنوبي مجموعة متنوعة من العناصر الخدمية والترفيهية والعمرانية والخدمية، ومن أهم مكونات المشروع:
- ممشى رئيسي بطول يتراوح بين 3 إلى 5 كيلومترات يمتد على طول الشاطئ ويُخصص للمشاة والرياضيين.
- مسار مخصص للدراجات الهوائية يعزز من نمط الحياة الصحي ويشجع على الرياضة.
- مسطحات خضراء مزروعة بمئات الآلاف من الأشجار والنباتات، توفر بيئة طبيعية ومظللة للزوار.
- مناطق ألعاب أطفال ومساحات للأنشطة العائلية.
- شاطئ رملي للسباحة مزود بمرافق وخدمات للزوار.
- مرافق خدمية تشمل دورات مياه ذكية وكراسي مظللة وأكشاك بيع وأماكن للجلوس.
- أنظمة إنارة حديثة وكاميرات مراقبة لرفع مستوى الأمان.
هذه المرافق تم تصميمها لتكون شاملة ومتاحة للجميع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، مع ممرات ممهدة ومصاعد في نقاط محددة لضمان سهولة الحركة.
مراحل التنفيذ
تم تقسيم المشروع إلى عدة مراحل تنفيذية لضمان الكفاءة وسرعة الإنجاز. وقد شملت المراحل الأولى تطوير منطقة "شاطئ السيف" الذي يُعد بداية الانطلاقة نحو تطوير الكورنيش الجنوبي، حيث تم تدشين باكورة المشروع بطول 3 كلم تقريباً، تخللتها البنية التحتية اللازمة والمرافق الأساسية.
لاحقاً، تمت توسعة نطاق المشروع ليشمل مناطق أبعد نحو الجنوب، مع ربطه بمشاريع مماثلة كممشى الجامعة، في إطار خطة شاملة لتطوير أكثر من 50 كلم من الواجهة البحرية.
الأهداف التنموية
يتماشى مشروع كورنيش جدة الجنوبي مع عدد من الأهداف التنموية والاستراتيجية على المستويين المحلي والوطني، من أبرزها:
رفع جودة الحياة:
من خلال توفير مساحات عامة ترفيهية وخضراء تشجع على التفاعل الاجتماعي والأنشطة الرياضية والثقافية.
تحفيز السياحة الداخلية والخارجية:
إذ يُتوقع أن يُسهم المشروع في جذب الزوار من داخل جدة وخارجها، خاصة مع اكتمال المرافق الترفيهية والتجارية.
تحقيق العدالة المكانية:
عبر تنمية المناطق الجنوبية من المدينة، التي عانت من قلة الخدمات والتركيز في السابق على الأحياء الشمالية.
تشجيع الاستثمارات:
المشروع يُعد محفز لعدد من الاستثمارات العقارية والخدمية على طول الساحل الجنوبي، لتعزز من الناتج المحلي وخلق فرص عمل.
تحسين المشهد الحضري:
من خلال دمج عناصر الطبيعة والتخطيط العصري وإزالة التعديات البصرية والبيئية التي كانت تشوّه الواجهة البحرية سابقاً.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
لا يقتصر أثر المشروع على تحسين الشكل الجمالي للمدينة فقط، بل يمتد ليشمل أبعاد اقتصادية واجتماعية مهمة، أبرزها:
- خلق فرص عمل في قطاعات متعددة، من السياحة إلى الخدمات إلى الصيانة.
- رفع قيمة الأراضي والعقارات المجاورة، للمساهمة في تنشيط سوق العقارات في جنوب جدة.
- تعزيز الترابط المجتمعي عبر توفير مساحات عامة آمنة ومناسبة للتجمعات العائلية والمجتمعية.
- تخفيف الضغط عن الكورنيش الشمالي، الذي كان يعاني من الاكتظاظ نتيجة غياب البدائل في مناطق أخرى.
مستقبل المشروع
مع استمرار جهود التوسعة والتطوير، من المتوقّع أن يتحول كورنيش جدة الجنوبي إلى أحد أهم المعالم الترفيهية في المدينة. كما توجد خطط مستقبلية لربطه بمرافق سياحية وفندقية وتجارية، ليصبح محور تنموي جديد يدعم طموحات المدينة في أن تكون وجهة سياحية عالمية على البحر الأحمر.
ومن المرجح أن يكون المشروع أحد أبرز المحاور التي سيتم الترويج لها ضمن مبادرات مثل "جدة الجديدة"، و"الوجهات السياحية المستدامة"، خاصة مع الاهتمام المتزايد بالسياحة الساحلية والبحرية.
يُعد مشروع كورنيش جدة الجنوبي نموذج لما يمكن أن تحققه المشاريع الحضرية الحديثة عندما يتم التخطيط لها بعناية، وتُربط باحتياجات الناس الحقيقية. إنه أكثر من مجرد واجهة بحرية؛ بل هو خطوة نحو جدة أكثر توازن وإنصاف وجمال، ويعكس روح التحول الذي تشهده المملكة في مختلف القطاعات.
وبينما يواصل المشروع نموه، فإنه يفتح الباب أمام فرص جديدة للسكان والزوار والمستثمرين، في إطار مدينة تنمو وتتجدد بثقة نحو المستقبل.