معرض الدفاع العالمي 2026 في الرياض

 

في ظل الرؤية الطموحة التي تقودها المملكة العربية السعودية نحو التنويع الاقتصادي والتقدم التكنولوجي، يبرز معرض الدفاع العالمي 2026 في الرياض كأبرز المحطات الاستراتيجية في مسيرة المملكة نحو توطين الصناعات الدفاعية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية صاعدة على الصعيدين العسكري والتقني. تنطلق النسخة القادمة من المعرض في الفترة ما بين 8 و 12 فبراير 2026، حاملة معها تطلعات أكبر، ومساحات أوسع وبرامج أكثر تطور،  حيث أصبحت منصة دولية رئيسية لاستكشاف مستقبل التكامل الدفاعي.

 

 

فكرة المعرض ونشأته

أُطلق معرض الدفاع العالمي لأول مرة عام 2022 بتنظيم من الهيئة العامة للصناعات العسكرية، ليكون ملتقى عالمي فريد من نوعه يركز على التكامل التشغيلي بين الأنظمة الدفاعية عبر البر والبحر والجو والفضاء والأمن السيبراني، كما حاز منذ انطلاقه على اهتمام عالمي واسع من الحكومات وشركات التصنيع الدفاعي الكبرى والناشئة، وأثبت قدرة السعودية على تنظيم أحداث دولية مرموقة.

 

تطوّر المعرض في نسخة 2026

تتميز نسخة 2026 بكونها أكبر وأشمل من سابقتها، حيث ستُقام على مساحة تقارب 273,000 متر مربع، وهي تمثل زيادة بنسبة 58٪ مقارنة بالنسخة السابقة. تمّت إضافة قاعة عرض رابعة لتلبية الطلب الكبير من العارضين الدوليين. واللافت أن أكثر من 65٪ من المساحة قد تم حجزها بالفعل قبل عام كامل من انطلاق المعرض، وهذا يدل على الثقة الكبيرة التي بات يحظى بها الحدث على المستوى العالمي.

 

مشاركة دولية لافتة

يترقب المعرض مشاركة آلاف الوفود الرسمية والعسكرية من شتى أنحاء العالم. وقد أعلنت أكثر من 100 شركة صينية عن مشاركتها، مع حجز ما نسبته 88٪ من جناح الصين، ما يبرهن على الاهتمام المتزايد من القوى الكبرى بالمشاركة في هذا الحدث المحوري.

وتجدر الإشارة إلى أن نسخة 2024 من المعرض شهدت حضور 773 شركة عارضة من 116 دولة، واستقبلت ما يزيد عن 106,000 زائر، وأسفرت عن توقيع اتفاقيات بلغت قيمتها نحو 26 مليار ريال سعودي، حيث المعرض يرسّخ مكانة كمنصة دولية لتبادل الخبرات وعقد الشراكات العسكرية والاستراتيجية.

 

أبرز مناطق العرض والتقنيات الجديدة

منطقة الأنظمة غير المأهولة

خصص المعرض منطقة موسعة لعرض أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال الطائرات بدون طيار، والمركبات البرية والبحرية ذاتية التشغيل، حيث تُعد هذه الأنظمة من أبرز مكونات الحروب المستقبلية. ستقدم هذه المنطقة عروض تفاعلية حيّة، مع إمكانية تجربة الأنظمة ميدانياً.

منطقة الدفاع البحري

تشهد نسخة 2026 توسع في عروض القدرات البحرية، من خلال تخصيص منطقة "Naval Zone"، التي تتيح للزوار استكشاف أحدث المعدات والسفن والأنظمة المستخدمة في الدفاع الساحلي والبحري، بما في ذلك تقنيات الرصد تحت الماء، والمراقبة عن بعد.

مختبر الدفاع المستقبلي

واحدة من أبرز إضافات المعرض، وهي منصة تهدف إلى دعم الابتكار والدعم التقني للشركات الناشئة، من خلال خلق بيئة تفاعلية لعرض الابتكارات الحديثة، وتسهيل التواصل مع المستثمرين والحكومات والمؤسسات الكبرى. وتُعد هذه المنطقة جزء من استراتيجية المعرض لتحفيز البحث والتطوير محلياً وعالمياً.

منطقة سلسلة الإمداد السعودية

في إطار دعم الصناعة المحلية، خصص المعرض منطقة لتمكين سلسلة التوريد الدفاعية السعودية، حيث تُتاح الفرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة للمشاركة في سلاسل الإمداد العالمية، وهذا يعزز فرص التوطين ويدعم أهداف رؤية 2030.

 

برامج مرافقة للحدث

لا يقتصر المعرض على العروض الميدانية والتقنيات، بل يتضمن برامج متنوعة، منها:

  • برنامج الوفود الرسمية (Delegations Program) الذي يسهّل التواصل بين الجهات العارضة وصناع القرار العسكري.
  • برنامج Meet the KSA Government الذي يتيح للمشاركين فرصة لقاء المسؤولين في الجهات الحكومية السعودية ذات العلاقة بالصناعات العسكرية.
  • منصة WDS Connect، وهي شبكة رقمية تربط بين الزوار والعارضين لتعزيز فرص الشراكة.
  • برنامج المواهب المستقبلية (Future Talent Program) الموجه لطلاب الجامعات والمهتمين بالالتحاق بقطاع الدفاع، ويهدف لبناء جيل سعودي متخصص في مجالات الصناعة والتقنية الدفاعية.

أهمية المعرض في إطار رؤية السعودية 2030

يمثل معرض الدفاع العالمي أحد الأدوات الفعالة لتحقيق أحد أهداف رؤية السعودية 2030، المتمثل في توطين 50٪ من الإنفاق الدفاعي في المملكة بحلول عام 2030. ومن خلال جذب كبرى الشركات العالمية إلى السوق المحلي، وتفعيل شراكات استراتيجية، ودعم الشركات المحلية الناشئة، يصبح المعرض منصة لتمكين الصناعة السعودية من المنافسة.

كما يدعم المعرض جهود شركة الصناعات العسكرية السعودية (SAMI) وغيرها من الكيانات الوطنية التي تسعى إلى تطوير قدراتها التكنولوجية، وبناء منظومة دفاعية متقدمة تُدار بكفاءات وطنية.

 

الآفاق المستقبلية

في ظل المنافسة العالمية بين المعارض العسكرية، يواجه معرض الدفاع العالمي تحدي الحفاظ على ريادته وجاذبيته في سوق متسارع التطور. لكن التوسع الملحوظ في نسخة 2026، واستمرار تدفق الشركات العالمية، يؤكدان أن السعودية قد نجحت في ترسيخ مكانتها كحاضنة عالمية لصناعة الدفاع.

كما أن دعم القيادة السعودية الواضح لهذا النوع من المبادرات، والالتزام بتحقيق مستويات عالية من التنظيم والتقنية، يبشّر بمستقبل مزدهر لهذا المعرض، ويدفعه نحو مزيد من التوسع والريادة في النسخ القادمة.

 

يمثل معرض الدفاع العالمي 2026 بالرياض رؤية متكاملة لمستقبل الدفاع العالمي، حيث تلتقي الدول والشركات والخبراء تحت سقف واحد لبحث حلول الغد، وبناء منظومة دفاعية أكثر ذكاءً وتكامل. إنه منصة حوار، وصفقة، وابتكار في آنٍ معاً، ومرآة لطموح المملكة نحو أن تكون لاعب رئيسي في صناعة الدفاع إقليمي ودولي.

ومع اقتراب موعد انطلاق المعرض، تبدو الرياض وكأنها تستعد مجدداً لاستقبال العالم، هذه المرة بصيغة المستقبل.