قائمة مباني جدة التاريخية

 

"جدة غير" هو تعبير صادق عن مدينة جمعت في قلبها أزمنة وثقافات، ووقفت شاهدة على قرون من التبادل التجاري، والتلاقي الحضاري، وحكايات الحجاج والمسافرين الذين مرّوا من بواباتها إلى مكة المكرمة.

في قلب هذه المدينة، يقف حي البلد أو جدة التاريخية كأحد أهم مواقع التراث العالمي المدرجة في اليونسكو منذ عام 2014. ويضم هذا الحي قائمة طويلة من المباني التاريخية التي تحكي قصة جدة العتيقة.

لماذا قائمة مباني جدة التاريخية مهمة؟

قائمة المباني التاريخية في جدة هي سجل حي لذاكرة المكان، وللهوية السعودية في منطقة الحجاز.

تحفظ هذه المباني أنماط العمارة الحجازية التقليدية، وتُبرز الدور التجاري والديني والثقافي لجدة بوصفها بوابة للحرمين الشريفين وميناء رئيسي على البحر الأحمر.

 

 

تضم القائمة أكثر من 650 مبنى تاريخي، تتوزع بين البيوت العتيقة والأسواق القديمة والمساجد التاريخية، والمدارس والرباطات والمجالس التجارية. كل مبنى من هذه المباني هو وثيقة بصرية تؤرخ لفترة زمنية معينة.

 

أبرز المباني في قائمة جدة التاريخية

 

أولاً: بيت نصيف

أحد أشهر معالم جدة التاريخية، شُيّد في عام 1872 واكتمل بناؤه عام 1881 لعائلة نصيف الثرية، وهي من أبرز العائلات التجارية في جدة.

اكتسب البيت شهرة خاصة حين استضاف الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1925 أثناء زيارته لجدة بعد استعادتها.

يتكون البيت من أربعة طوابق، ويتميز بروشاناته الخشبية وزخارفه الداخلية الرائعة، وهو اليوم مفتوح للزوار كمعلم ثقافي.

 

ثانياً: بيت المتبولي

يُعد بيت المتبولي نموذج صافي للعمارة الحجازية التقليدية. بني هذا المنزل في القرن السابع عشر، ويتكون من عدة طوابق تتزين بروشان مشغول بنقوش خشبية فريدة.

كان البيت مقر  للتجار الذين تعاملوا مع الهند واليمن وشرق أفريقيا.

 

ثالثاً: بيت الشربتلي

من البيوت التي خضعت لعمليات ترميم حديثة، ويعود تاريخه إلى أوائل القرن العشرين.

تمت إعادة توظيفه ليصبح مركز ثقافي ومعرض للفنون، ضمن مشروع إحياء جدة التاريخية.

 

رابعاً: قصر خزام

ليس في حي البلد مباشرة، لكنه يُعد من المباني التاريخية المهمة في جدة. بُني في حي النزلة بين عامي 1928 و1932 بأمر من الملك عبدالعزيز.

شهد القصر توقيع أول اتفاقية نفطية بين المملكة وشركة ستاندرد أويل في عام 1933.

 

خامساً: مسجد الشافعي

يُعرف بـ"مسجد الأثر"، ويُعتقد أنه يعود للقرن الأول الهجري. يتميز بمئذنته القديمة وأعمدته الحجرية، وهو أحد المساجد التي أدرجت ضمن مشاريع الترميم حفاظاً على تراثها.

 

سادساً: مدرسة الفلاح

تُعتبر أول مدرسة نظامية في جدة، أسسها التاجر حسين علي رضا عام 1905.

كانت المدرسة منارة للعلم والتحديث في تلك الفترة، وتخرج منها العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ المملكة.

 

سابعاً: رباط الخنجي

من الأمثلة الرائعة على المؤسسات الاجتماعية القديمة في جدة. بُني عام 1813 لاستضافة كبار السن والمسافرين من الحجاج، وهو شاهد على روح التكافل الاجتماعي التي كانت سائدة في المدينة.

 

المساجد التاريخية في جدة

تحتوي جدة التاريخية على عدد من المساجد العريقة، التي تبرز الهوية الروحية للمدينة:

  • مسجد الأبَانوس (عثمان بن عفّان): ذكره الرحالة ابن بطوطة في كتابه.
  • مسجد الباشا: بُني في القرن الثامن عشر ويتميز بمئذنته الشامخة.
  • مسجد المِمَّار: يعود إلى عام 1682.
  • مسجد العقّاش: من المساجد ذات التفاصيل المعمارية الدقيقة والزخارف الخشبية.

العمارة الحجازية الفريدة

تتميز مباني جدة التاريخية باستخدام حجر المرجان المستخرج من البحر الأحمر في البناء، وهو ما يمنحها طابع فريد من حيث اللون والملمس.

أما الروشان، فهي النوافذ الخشبية البارزة المزخرفة التي تسمح بدخول الهواء مع الحفاظ على الخصوصية.

جهود الحفظ والترميم

منذ إدراج جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، انطلقت جهود كبيرة للحفاظ على مبانيها:

  • في 2019، أعلنت وزارة الثقافة عن مشروع ترميم 56 مبنى تاريخي بقيمة 50 مليون ريال سعودي.
  • في 2023 و2024، استمرت أعمال الترميم ضمن خطة حماية شاملة لمئات المباني الأخرى.

مشروع "إحياء جدة التاريخية" أصبح جزء من رؤية السعودية 2030، ويهدف إلى تحويل الحي إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية.

جدة التاريخية واليونسكو

في عام 2014، أدرجت منطقة جدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.

السبب في ذلك يعود إلى:

  • أنها تمثل نموذج فريد للعمارة الحجازية.
  • أنها كانت بوابة الحجاج إلى مكة لعدة قرون.
  • دورها المحوري في التجارة بين الشرق والغرب عبر البحر الأحمر.

الحي اليوم: من ذاكرة الماضي إلى حياة الحاضر

جدة التاريخية أصبحت حي نابض بالفن والثقافة والحياة.

  • أقيمت فيها معارض فنية، وفعاليات موسمية مثل موسم جدة التاريخية الذي يحيي ليالي البلد بالأمسيات التراثية والعروض الحية.
  • البيوت القديمة تحولت إلى معارض فنية، والمقاهي الشعبية عادت للعمل، والأسواق أعيد فتحها بروح عصرية تحترم تاريخ المكان.

 

قائمة مباني جدة التاريخية هي روح مدينة ظلت حية رغم تحولات الزمن. ففي كل بيت من بيوت البلد، تجد قصة. في كل مسجد، تجد ذكرى صلاة من قرون مضت. في كل سوق، تسمع صدى أصوات تجار الحجاز الذين صنعوا تاريخ المدينة.

ولعل أجمل ما في جدة التاريخية اليوم أنها لا تزال تفتح ذراعيها للعالم، مثلما كانت دائماً، مدينةً تحتضن الجميع.