قوانين ضريبة العقار في السعودية

 

 

في إطار الإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تظهر ضرائب العقارات كإحدى الأدوات الرئيسية لتعزيز الاستقرار المالي وتحفيز النمو الاقتصادي. هذه الضرائب ليست مجرد وسيلة لزيادة الإيرادات الحكومية، بل أداة استراتيجية تُستخدم لضبط الأسواق وتحفيز الاستثمارات، خاصة في القطاع العقاري الذي يشهد نمواً متسارعاً. لفهم التأثيرات التي قد تترتب على فرض ضرائب العقارات في السعودية، يجب أن نلقي نظرة عميقة على الأطر القانونية والتنظيمية التي تحكم هذه الضرائب، والكيفية التي تؤثر بها على المستثمرين وأصحاب العقارات على حد سواء. هذه النقطة تُبرز أهمية الاستشارة القانونية المتخصصة في مجال الضرائب، لضمان الامتثال للقوانين وتجنب أي عوائق قانونية قد تؤثر على الاستثمارات العقارية.

 

 

ما المقصود بمفهوم الضريبة بشكل عام؟ وما هي ضريبة العقار بشكل خاص؟

الضريبة هي مبلغ مالي تفرضه الدولة على الأفراد والمؤسسات بهدف تمويل نفقاتها العامة. تعتمد الدول على هذه الأموال لتغطية تكلفة الخدمات العامة مثل الدفاع والأمن والتعليم والبنية التحتية، فضلاً عن دعم بعض القطاعات الاقتصادية كالصحة والطاقة. تعتبر الضرائب وسيلة مباشرة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد بين أفراد المجتمع. في السياق العقاري، تُفرض ضريبة العقار كجزء من الجهود الحكومية لتنظيم قطاع العقارات وتعزيز شفافيته. 

في المملكة العربية السعودية، يتم فرض ضريبة مباشرة تعرف باسم "ضريبة التصرفات العقارية"، وهي ضريبة تُفرض على جميع التصرفات التي تؤدي إلى نقل ملكية العقار أو حيازته من شخص لآخر، سواء كان ذلك بغرض البيع أو التأجير. تتميز هذه الضريبة بأنها تُطبق فقط عند وقوع التصرفات العقارية مثل البيع أو نقل الملكية، ولا توجد ضريبة سنوية على العقارات كما هو الحال في بعض الدول الأخرى.

 

ضريبة التصرفات العقارية في السعودية

تُفرض ضريبة التصرفات العقارية في السعودية بنسبة 5% من إجمالي قيمة العقار المُباع أو المنقول. هذه الضريبة تختلف عن ضرائب التمويل حيث لا يتم احتسابها على تكاليف التمويل العقاري، مما يعني أن الشخص الذي يقوم بالشراء أو البيع يتحمل ضريبة بنسبة 5% على قيمة العقار الفعلية. ومن هنا، يتضح أن هذه الضريبة تؤثر بشكل مباشر على تكلفة بيع وشراء العقارات، مما يجعل من الضروري للمستثمرين وأصحاب العقارات أن يكونوا على دراية كاملة بكيفية حساب هذه الضريبة وتسجيلها.

 

كيفية التسجيل في ضرائب التصرفات العقارية

يمكن تسجيل ضرائب التصرفات العقارية في المملكة من خلال الموقع الرسمي لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك. هذه الخدمة تتيح للأفراد والشركات تسجيل التصرفات العقارية قبل إتمام عملية الإفراغ أو توثيق العقد. تعتبر هذه الخطوة ضرورية لتحديد ما إذا كان التصرف خاضعاً للضريبة، وللحصول على فاتورة سداد الضريبة المستحقة. عملية التسجيل تتضمن عدة خطوات تشمل:

- تسجيل الدخول بحساب المستخدم.

- تحديد طبيعة التصرف العقاري.

- اختيار مسار التوثيق.

- إدخال بيانات العقار والتصرف.

- إصدار فاتورة السداد.

 

طريقة حساب ضريبة التصرفات العقارية

تتيح هيئة الزكاة والضريبة والجمارك في السعودية حاسبة إلكترونية لحساب ضريبة التصرفات العقارية. يتم احتساب هذه الضريبة بناءً على قيمة العقار، سواء كان العقار سكنياً أو أرضاً أو عقاراً تجارياً. وتخضع هذه الحسابات للتقييمات السوقية التي يقوم بها مُقيّمون معتمدون من الهيئة. على سبيل المثال، إذا كانت قيمة العقار 2 مليون ريال سعودي، فإن الضريبة المترتبة على هذه الصفقة ستكون 100 ألف ريال (5%) من قيمة العقار. 

 

العقارات السكنية المعفاة من ضريبة التصرفات العقارية

رغم أن ضريبة التصرفات العقارية تُفرض على جميع أنواع العقارات في السعودية، إلا أن هناك بعض الاستثناءات الخاصة بالعقارات السكنية. تشمل هذه الإعفاءات:

- الوحدات السكنية التي لا تزيد مساحتها عن 150 متر مربع.

- العقارات المملوكة للأشخاص ذوي الإعاقة.

- العقارات التي يتم توريثها ولا يتم تأجيرها.

هذه الإعفاءات تهدف إلى تقديم دعم للمجتمعات ذات الدخل المحدود والفئات الخاصة، وتقليل الأعباء المالية التي قد تترتب على التملك العقاري.

 

شروط الإعفاء من ضريبة التصرفات العقارية

تم تحديد عدة حالات يتم فيها إعفاء العقارات من ضريبة التصرفات العقارية، وتشمل:

- توزيع التركات: عند توزيع الممتلكات بين الورثة.

- التبرعات للأقارب من الدرجة الثانية: مثل التبرع للعقارات للأبناء أو الأزواج.

- التبرعات لجهات خيرية أو حكومية.

- التصرف في العقار كضمان تمويلي أو ائتماني.

هذه الحالات تم وضعها لضمان توفير المرونة للأفراد والشركات في التعامل مع العقارات دون أن تترتب عليهم أعباء ضريبية إضافية.

 

تملك الأجانب للعقارات في السعودية

بالنسبة للأجانب المستثمرين في السعودية، تنظم القوانين السعودية إمكانية تملك العقارات من قِبَل الأجانب بشروط محددة. يُسمح للمستثمرين الأجانب بتملك العقارات التي تتعلق بمزاولة أنشطتهم التجارية أو الصناعية، بشرط الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة. على سبيل المثال، إذا كان المستثمر الأجنبي يرغب في تملك عقار لإقامة مشروع تجاري أو صناعي، يجب ألا تقل تكلفة المشروع عن 30 مليون ريال سعودي، ويجب استثمار العقار خلال خمس سنوات من تملكه.

 

استثناءات تملك العقارات في مكة والمدينة

تُعد مكة المكرمة والمدينة المنورة من المناطق الخاصة التي تنظم قوانينها بدقة فيما يتعلق بتملك الأجانب للعقارات. لا يجوز لغير السعوديين تملك العقارات في هاتين المدينتين، باستثناء حالات محددة مثل تملك العقارات لأغراض الوقف الخيري.

 

الأسئلة الشائعة حول ضرائب العقارات

من الأسئلة الشائعة التي تتعلق بضرائب العقارات في السعودية: "هل يتحمل البائع أو المشتري ضريبة التصرفات العقارية؟" الإجابة هي أن البائع هو من يتحمل الضريبة في العادة، ولكن يمكن الاتفاق بين البائع والمشتري على أن يتحمل المشتري الضريبة بشرط توضيح ذلك في عقد البيع.

أيضاً، "هل تخضع العقارات المملوكة للحكومة للضريبة؟" لا، العقارات التي تملكها الحكومة والمخصصة للنفع العام لا تخضع للضريبة.

 

ضرائب العقارات في المملكة العربية السعودية تمثل جزءاً أساسياً من الجهود الرامية إلى تنظيم القطاع العقاري وتحفيز النمو الاقتصادي، ويجب على المستثمرين وأصحاب العقارات أن يكونوا على دراية تامة بالقوانين واللوائح المتعلقة بهذه الضرائب لضمان الامتثال والنجاح في استثماراتهم.