مطار البحر الأحمر الدولي: بوابة المملكة إلى العالم
يُعد مشروع البحر الأحمر وجهة جديدة مذهلة آخذة بالتشكّل على الساحل الشمالي الغربي للمملكة العربية السعودية، حيث يمكنك أن تجد فيها المساكن الفاخرة والمنتجعات ذات الخمسة نجوم والرؤية البيئية الواعية. ويُعتبر هذا المشروع الطموح من تنفيذ شركة البحر الأحمر العالمية نموذج رائد في مجال السياحة المتجددة، إذ يستند إلى مبادئ "التنمية المسؤولة"، ليُقدم تصاميم مستدامة تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية وتعزيزها لصالح الأجيال القادمة.
تُشكل السياحة محور أساسي في المشروع، الذي من المخطط أن يضم 50 منتجع بحلول عام 2030، تحت إدارة علامات ضيافة عالمية مرموقة. وقد تم بالفعل تشغيل خمسة من هذه المنتجعات بحلول عام 2023، ومن المقرر افتتاح 11 منتجع إضافي مع نهاية عام 2025.
كما تم إنشاء مطار البحر الأحمر الدولي لخدمة هذا المشروع الضخم، الذي يشكل نقطة اتصال سلسة للمسافرين من مختلف أنحاء العالم، ويُعد أحد ركائز البنية التحتية الداعمة للرؤية السياحية للمملكة. حيث أصبح المطار بوابة راقية تُرحب بزوار المملكة إلى واحدة من أكثر الوجهات السياحية طموح وتفرّد في العالم.
جسر بين الشرق والغرب
تم إطلاق مطار البحر الأحمر الدولي بعد فترة وجيزة من انطلاق مشروع البحر الأحمر نفسه، وقد تم تصميمه كما هو الحال مع جميع مكونات المشروع وفق رؤية مستدامة ومدروسة بعناية. يقع المطار على بُعد نحو 20 كيلومتر داخل اليابسة عن الساحل، ويرتبط بجزيرة "شورى"، التي تُعد محور وجهة البحر الأحمر، عبر جسر بري حديث. ويتوفر أسطول خاص من سيارات Lucid Air الكهربائية لنقل الزوار من المطار إلى جزيرة شورى والمواقع الداخلية في المشروع. أما الجزر الأخرى، فلا يمكن الوصول إليها إلا عبر اليخوت أو الطائرات البحرية، وقد خُصص للمطار مدرج مائي لاستقبال هذه الطائرات.
استقبل المطار أول رحلة تجارية في سبتمبر 2023، وتبعتها أول رحلة دولية في مارس 2024. وتتوفر حالياً رحلات مباشرة من الدمام وجدة والرياض ودبي، مع وجود خطط مستقبلية لربط المطار بعدد من العواصم الأوروبية الكبرى ضمن مرحلة التوسع القادمة. وبفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي، الذي يضع 80% من سكان العالم على بُعد 8 ساعات طيران فقط، يُتوقع أن يصبح مطار البحر الأحمر واحد من أهم مراكز النقل في المنطقة والعالم.
مرآة لبيئته الطبيعية
حصلت شركة "فوستر آند بارتنرز" المعمارية العالمية الشهيرة على عقد تصميم المطار، وهي نفسها المسؤولة عن تصميم العديد من المشاريع السكنية الفاخرة في جزر البحر الأحمر، حيث منحت المشهد المعماري للمشروع تناغم بصري جذاب. وقد استُوحي التصميم من عناصر البيئة الطبيعية المحيطة، الصحراء والبحر ، حيث يتسم المبنى بمنحنيات تشبه الكثبان الرملية، وألوان ترابية دافئة تتدرج من البني الرملي إلى الأخضر النباتي. وعند رؤيته من الأعلى، يبدو المطار كزهرة تتفتح من قلب الرمال، في مشهد يستقبل الزائرين بصورة لا تُنسى.
صُمم مبنى الركاب ليمنح المسافرين إحساس بتجربة الطيران الخاص، من خلال خمس صالات مغادرة منفصلة تشبه بتلات الزهرة، وتنتشر شُعاعياً من المركز الرئيسي للمطار. وفي قلب المطار، تنتصب حديقة داخلية رائعة تضم نباتات محلية، تُضفي أجواءً هادئة تُشبه أجواء المنتجعات، وتجعل من تجربة السفر بداية للاسترخاء والانغماس في جمال الطبيعة.
تجربة سلسة ومتكاملة للزوار
يحصل الزوار على تجربة الوصول والمغادرة في مطار البحر الأحمر الدولي بمستويات مختلفة تتماشى مع مراحل رحلة الزائر. فعند الوصول، يُركّز المطار على السرعة والانسيابية، حيث تُستخدم تقنيات مبتكرة مثل تسجيل الدخول عن بُعد والحقائب الذكية لتقليل الزمن بين الهبوط والانطلاق نحو الوجهة داخل مشروع البحر الأحمر. كما تم تبسيط إجراءات الأمن والجوازات بشكل كبير، مع إمكانية إرسال الأمتعة مباشرة إلى المنتجع الذي سيقيم فيه الزائر، دون الحاجة لحملها.
أما عند المغادرة، والتي غالباً ما تتطلب وقت أطول، فقد صُمم مبنى الركاب ليجعل تجربة الانتظار هادئة ومريحة. يتم إيصال الزائرين المغادرين مباشرة إلى إحدى صالات المطار الخمس (Pods)، حيث توجد مرافق استجمام مثل المنتجعات الصحية (سبا)، والمطاعم، وخيارات أخرى تساعدهم على قضاء وقت الانتظار براحة. ويستمر تطبيق نظام الحقائب الذكية هنا أيضاً، حيث يتم تسجيل الحقائب من المنتجع ونقلها إلى المطار مباشرة، دون الحاجة إلى تدخل من المسافر.
مستقبل الطيران... مستدام
يُعد دور مطار البحر الأحمر امتداد حقيقي لتجربة المنتجعات الفاخرة التي يوفرها المشروع. وتُعد الاستدامة محور أساسي في تصميم وتشغيل المطار بما يتماشى مع فلسفة شركة البحر الأحمر العالمية والتزامها العميق بـ التنمية المسؤولة. ولذلك، سيتم تحديد عدد الزوار بمليون زائر كحد أقصى في السنة لحماية البيئة من آثار السياحة المفرطة.
وقد دُمج المطار بانسجام مع الطبيعة الصحراوية المحيطة، ويعمل بنسبة 100% على الطاقة المتجددة القادمة من أكبر مزرعة شمسية في المملكة. كما يُعد مطار البحر الأحمر أول مطار في السعودية يوفّر وقود الطيران المستدام (SAF)، والذي يُستخدم في جميع الطائرات البحرية التابعة له.
من خلال المبادرات الذكية والتصاميم الصديقة للبيئة، حيث يضع مطار البحر الأحمر الدولي معايير جديدة لصناعة الطيران العالمية. ومع استمرار تطور مشروع البحر الأحمر، سيُصبح هذا النموذج الفريد من نوعه نقطة تحوّل في طريقة بناء وتشغيل المطارات حول العالم.