أبرز قوانين الملكية العقارية في المملكة العربية السعودية

 

 

يعد نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها واحداً من أهم الأنظمة القانونية التي تسهم في تنظيم سوق العقارات في المملكة العربية السعودية. صدر هذا النظام ليحل محل نظام سابق يعود لعام 1423هـ، وهدفه الأساسي هو تنظيم ملكية الوحدات العقارية وإدارتها بطريقة تضمن حقوق جميع الأطراف المتعاملة فيه. النظام يحتوي على مجموعة من التعريفات والإجراءات التي تتعلق بفرز العقارات وأحكام الملكية وتأسيس جمعيات الملاك، بالإضافة إلى تنظيم إدارة وصيانة العقارات المشتركة.

 

 

الأساسيات والتعريفات

في البداية، يحدد النظام مجموعة من التعريفات التي تعتبر أساساً لفهم جميع مواد النظام. على سبيل المثال، يعرف النظام "الوحدة العقارية المفرزة" بأنها جزء من العقار المشترك الذي يمكن للمالك التصرف فيه أو الانتفاع منه بشكل مستقل عن باقي أجزاء العقار. يشمل ذلك الوحدات السكنية مثل الشقق، المحلات التجارية، المرائب، وحتى أي جزء آخر يمكن تملكه أو الانتفاع به بشكل منفصل. كما يشمل النظام تعريف لـ"الأجزاء المشتركة" في العقار، وهي تلك الأجزاء التي يتم استخدامها بشكل مشترك من قبل جميع الملاك في العقار المشترك، مثل المداخل والمصاعد والمواقف ومساحات التخزين.

 

فرز العقارات: الإطار القانوني

يعطي النظام لكل من يملك قطعة أرض بصك شرعي الحق في بناء عقار عليها، وفرزه إلى وحدات مستقلة. يمكن لكل وحدة أن تحصل على صك خاص بها مما يسهل التعامل معها قانونياً. إضافةً إلى ذلك، يتيح النظام إمكانية إعادة فرز العقار أو تغيير استخداماته بشرط موافقة جمعية الملاك وجميع الأطراف المتأثرة، مع وجود إجراءات محددة لضمان عدم تضرر أي طرف.

كما يشير النظام إلى أهمية تعديل المخططات العقارية بما يتوافق مع الفرز الجديد أو تغييرات الاستخدام. ويؤكد على ضرورة وجود موافقات من الجهات المختصة عند القيام بأي تعديل.

 

أحكام الملكية

يشتمل النظام أيضاً على أحكام دقيقة تتعلق بملكية العقارات المشتركة. فعند بناء عقار مشترك، يجب أن يتضمن عقد الشراكة معلومات تفصيلية عن الشركاء وحصصهم سواء كانت نقدية أو عينية. كما يشير النظام إلى أن الشركاء في العقار المشترك لهم الحق في تقسيم حصصهم المشاعة بحيث يختص كل منهم بوحدة عقارية مفرزة، وفي حالة عدم الاتفاق يمكن اللجوء إلى القضاء لحسم النزاعات.

وفي حال رغبة المالك ببيع وحدته العقارية، فإنه ملزم بتقديم بيان يشرح جميع تفاصيل العقار ومواصفاته، بالإضافة إلى حقوق والتزامات المالك المتعلقة بتلك الوحدة. يجب أيضاً إشعار المشتري بأي تغييرات تطرأ على تلك المعلومات قبل إتمام عملية البيع. في حال لم يقدم المالك كل المعلومات اللازمة، يحق للمشتري فسخ العقد خلال ثلاثين يوماً من توقيعه، أو من تاريخ معرفته بالمعلومات التي تم إخفاؤها.

 

المسؤولية المشتركة بين الملاك

تجعل القوانين والأنظمة من جميع ملاك الوحدات العقارية المفرزة شركاء في الأجزاء المشتركة، سواء كانوا ملاكاً فرديين أو متعددين. ويعني ذلك أن ملكية الحواجز الجانبية، الجدران، الأسقف، والأرضيات بين الوحدات تعتبر ملكية مشتركة. ومع ذلك، يشترط أن لا يُلحق استعمال أي جزء ضرراً بالوحدات المجاورة أو ببقية الملاك. يحدد النظام كذلك حصة كل مالك في الأجزاء المشتركة بناءً على مساحة وحدته العقارية مقارنة بإجمالي مساحة العقار المشترك.

 

إدارة العقارات المشتركة

واحدة من الأجزاء الأكثر أهمية في النظام هي ما يتعلق بإدارة العقارات المشتركة. إذا كان هناك ثلاثة ملاك أو أكثر في عقار مشترك، يصبح من الضروري تشكيل "جمعية ملاك". تكون الجمعية مسؤولة عن إدارة العقار وصيانته وتنظيم الشؤون اليومية له. الجمعية تتمتع بشخصية معنوية مستقلة وذمة مالية منفصلة، مما يتيح لها ممارسة دورها بشكل فعال ومستقل عن ملاك الوحدات.

هذه الجمعية يتم تسجيلها لدى الهيئة العامة للعقار، وتعمل وفق نظام أساسي يضمن حسن الانتفاع بالعقار وحسن إدارته. يتضمن النظام الأساسي للجمعية قواعد صارمة تتعلق بإدارة الأجزاء المشتركة، تحديد اشتراكات الملاك للصيانة والإدارة، وإجراءات الصرف والمراقبة المالية.

 

حقوق والتزامات الملاك

على الرغم من أن جمعية الملاك تلعب دوراً أساسياً في إدارة العقار، إلا أن حقوق الملاك في التصرف بوحداتهم العقارية تظل محفوظة طالما أنها لا تضر بالملاك الآخرين. النظام يوضح أن الجمعية لا تملك أي سلطة لتقييد حقوق الملاك في الانتفاع بوحداتهم العقارية، لكنها تلزم الملاك بالالتزام بالقواعد العامة التي تحكم الأجزاء المشتركة.

 

الصيانة والإدارة

الصيانة تعتبر من الأمور المحورية في إدارة العقارات المشتركة. يوضح النظام أن الصيانة تشمل جميع الأعمال اللازمة للحفاظ على العقار المشترك وصيانة جميع الأجزاء المشتركة. جمعية الملاك تكون مسؤولة عن تنظيم هذه الأعمال، ويتم تحديد اشتراكات مالية من الملاك للمساهمة في تكاليف الصيانة.

أيضاً، يتيح النظام لملاك الوحدات العقارية اختيار مدير أو مجموعة من الأشخاص لإدارة العقار، سواء كانوا من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين. المدير يكون مسؤولاً عن الإشراف على الصيانة، إدارة العقار، وضمان التزام جميع الملاك بالقواعد العامة.

 

نزع الملكية والتعويضات

في حالات نزع الملكية لأغراض المصلحة العامة، يتضمن النظام آليات واضحة لتعويض الملاك. في حالة نزع جزء من العقار المشترك، يتم تعويض كل مالك بناءً على النسبة التي يمتلكها من العقار المشترك. وإذا كان الجزء المنزوع عبارة عن وحدة عقارية مفرزة، فيتم تعويض المالك بناءً على قيمتها.

 

نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها وإدارتها هو إطار قانوني متكامل يهدف إلى تنظيم العلاقة بين ملاك الوحدات العقارية، وتحديد حقوقهم والتزاماتهم تجاه الأجزاء المشتركة. النظام يسهم في تنظيم السوق العقاري، ويضمن حقوق جميع الأطراف المتعاملة في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يعزز من الشفافية والمسؤولية المشتركة بين الملاك، مما يسهم في إيجاد بيئة عقارية أكثر استقراراً واستدامة.