مشاريع توليد الكهرباء في المملكة العربية السعودية
تشهد المملكة العربية السعودية تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة وخاصة في قطاع الطاقة، حيث تقف مشاريع توليد الطاقة الكهربائية كأهم الأعمدة ضمن رؤية 2030 التي تسعى إلى التحول للطاقة المستدامة والصديقة للبيئة إضافة إلى تنويع مصادر الطاقة، ورفع مكانة المملكة كقوة عالمية في مجال الطاقة النظيفة المعتمدة على الموارد البيئية مثل الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر.
وفي هذا المقال سنتحدث عن أهم مشاريع توليد الكهرباء في المملكة العربية السعودية والتي تتنوع بين المشاريع التقليدية والمتجددة.
المشاريع التقليدية:
لا تزال محطات الطاقة التي تعتمد على الغاز والنفط من المصادر الرئيسية في تأمين احتياج المملكة العربية السعودية من الكهرباء، وخاصة في ظل التوسع الحضاري والنمو السكاني والمشاريع العملاقة التي تشهدها المملكة مثل مشروع نيوم والبحر الأحمر والقدية، ومن هذه المشاريع:
محطة القرية المركبة للطاقة:
تقع محطة القرية المركبة في المنطقة الشرقية وهي من أبرز المشاريع في قطاع الطاقة الكهربائية، ,وهي أكبر مشاريع الدورة المركبة في العالم، حيث تقدر الطاقة الإنتاجية للمحطة ب 3,900 ميغاواط.
تم تنفيذ المشروع بالشراكة مع شركة أكوا باور والعديد من الشركات العالمية الأُخرى، وتتميز هذه المحطة بأنها الأقل استخدماً للوقود مقارنة مع غيرها بنسبة 40%، وهي توفر الكهرباء لملايين السكان في المنطقة الخاصة بها.
محطة رابغ المستقلة
تقع على ساحل البحر الأحمر وتقدر إنتاجيتها بنحو 1200 ميغاواط من الكهرباء، وتعتمد هذه المحطة على الوقود الثقيل، وهي تقنية حديثة نواعاً ما.
تمتد محطة رابغ منطقتي جدة ومكة المكرمة بالكهرباء، وتعتبر هذه المحطة من الأمثلة العالمية على استخدام التقنيات الحديثة والاستدامة والكفاءة التشغيلية.
الطاقة الشمسية النظيفة
تشتهر المملكة العربية السعودية بأنها واحدة من أكثر الدول التي تمتلك إشعاع شمسي كبير، لذا هي بيئة مثالية لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، ومن هذا المنطلق شهدت المملكة ولادة واحدة من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط والعالم ككل.
مشروع سكاكا للطاقة الشمسية
أُطلق مشروع سكاكا عام 2021 في منطقة الجوف بطاقة 300 ميغاواط، ليكون أول مشروع للطاقة الشمسية الكهروضوئية يتم تشغيله في المملكة ضمن البرنامج الوطني للطاقة المتجددة. وقد أنجزته شركة أكوا باور بنسبة سعودة عالية، ليكون تجربة محلية رائدة في التشغيل والنقل الفني.
مشروع سدير للطاقة الشمسية
بقدرة تصل إلى 1,500 ميغاواط، يعتبر مشروع سدير أحد أضخم مشاريع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط. يتم تطويره في مدينة سدير الصناعية بالتعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو وأكوا باور، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله الكامل في عام 2025. سيوفر المشروع كهرباء نظيفة تكفي لمليون منزل، ويقلل أكثر من 2.9 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل سنوي.
طاقة الرياح
رغم أن السعودية لا تُعرف كبلد عاصف تشتد فيه الرياح، إلا أن مناطق مثل الجوف وحائل تتميز بسرعة رياح عالية تجعلها مثالية لإنتاج الكهرباء من الرياح.
مشروع دومة الجندل لطاقة الرياح
هو أول مشروع تجاري لطاقة الرياح في المملكة، وأحد أكبر مشاريع الرياح في الشرق الأوسط، بطاقة تصل إلى 400 ميغاواط. تم تشغيل المشروع في عام 2021 بواسطة تحالف يضم شركة EDF Renewables الفرنسية ومصدر الإماراتية. يوفر المشروع الطاقة لأكثر من 70 ألف منزل، ويساهم في تقليل 988 ألف طن من انبعاثات الكربون.
مشاريع المستقبل – الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة
مع تقدم رؤية السعودية نحو الاستدامة البيئية، دخلت المملكة ميدان الهيدروجين الأخضر والطاقة المتكاملة، عبر مشاريع ذات طابع عالمي.
مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر
يمثل هذا المشروع مستقبل الطاقة النظيفة في المملكة، إذ يهدف إلى إنتاج 650 طن من الهيدروجين الأخضر يومياً باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. المشروع هو ثمرة تعاون بين شركة نيوم و أكوا باور وAir Products الأمريكية، وتبلغ تكلفته حوالي 5 مليارات دولار. كما يُتوقع أن يبدأ التشغيل في 2026، وأن يلعب دور محوري في تصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا وآسيا.
الطاقة المتجددة في ذا لاين
مدينة ذا لاين في نيوم ستكون أول مدينة في العالم تعتمد بشكل كامل على الطاقة المتجددة – من دون سيارات ولا انبعاثات ولا تلوث. الكهرباء فيها ستأتي من مشاريع شمسية ورياح مدمجة مع تخزين ذكي، لتكون نموذج عالمي للمدن المستقبلية.
السعودية ومزيج الطاقة: الأرقام تتحدث
تستهدف المملكة تحقيق مزيج طاقة مستدام ومتوازن، على النحو التالي بحلول عام 2030:
- تعد 50% من الكهرباء من مصادر متجددة (شمس ورياح).
- تقليص الاعتماد على الوقود السائل بنسبة تفوق 70%.
- زيادة كفاءة إنتاج الكهرباء بنسبة لا تقل عن 30%.
- تطوير مشاريع بطاقة إجمالية تفوق 58.7 جيجاواط من الطاقة المتجددة.
البعد البيئي والاستراتيجي
لا تقتصر أهمية هذه المشاريع على الجانب الاقتصادي أو الكهربائي، بل تمتد إلى الأبعاد:
البيئية: تقليل الانبعاثات، والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.
الاجتماعية: توطين الوظائف، وتأهيل الكفاءات السعودية في مجالات الطاقة المتقدمة.
الدولية: تعزيز مكانة السعودية كقوة في سوق الطاقة العالمي في الطاقة النظيفة.
يمكن القول إن السعودية لا تكتفي بإنتاج الكهرباء لسد حاجتها المحلية، بل تسعى لتكون مصدر عالمي للطاقة بمفهومها الجديد نظيفة ومتجددة ومستدامة. هي رحلة نحو المستقبل، تمشيها المملكة بخطى ثابتة بين أشعة الشمس، ونسيم الرياح، وحكمة التحول الذكي.