برج الساعة في مكة.. أبرز الحقائق والمعلومات

 

تعد ساعة مكة واحدة من أبرز المعالم الهندسية والمعمارية في العالم الإسلامي. تقع الساعة فوق مجمع أبراج البيت ضمن فندق فيرمونت بمدينة مكة المكرمة، غرب المملكة العربية السعودية. بارتفاع يزيد عن 600 متر، تعتبر الساعة الأعلى والأكبر حجماً في العالم. بدأ تشغيلها التجريبي في شهر رمضان لعام 1431 هـ، وتم ربط مركز توقيت مكة المكرمة بشبكة التوقيت العالمي (UTC) التي يقع مقرها في باريس.

 

 

البداية: حلم يتحقق

انطلقت فكرة مشروع ساعة مكة بتوجيه من الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث أعلن الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، عن المشروع في 13 مارس 2008. تم التخطيط لأن تُقام الساعة فوق البرج الخامس من مشروع وقف الملك عبد العزيز بارتفاع يبلغ 601 متر. صُممت الساعة لتكون مرئية ومسموعة من جميع الجهات، حتى من مسافة تصل إلى 13 كيلومتراً. يزينها من جميع الاتجاهات لفظ الجلالة "الله"، فيما تبلغ أبعاد واجهتها الواحدة 43 متر عرض وارتفاع، ما يجعلها تحفة فنية وهندسية متفردة.

 

تفاصيل المشروع

يتكون مشروع ساعة مكة من أربع ساعات، واحدة لكل جهة من جهات البرج.

الساعات الرئيسية:

تواجه إحداها الحرم المكي من جهة الشمال، والأخرى من الجهة المقابلة باتجاه الجنوب.

يبلغ ارتفاع كل ساعة رئيسية حوالي 80 متر، وعرضها حوالي 65 متر، بقطر يبلغ 43 متر.

الساعات الجانبية:

توجد على جهتي الشرق والغرب.

يبلغ ارتفاعها حوالي 65 مترًا، وعرضها 39 مترًا، وقطرها 25 متر.

تتميز الساعة بارتفاع إجمالي يبلغ 400 متر عن مستوى سطح الأرض، مع طول الهيكل الذي يبلغ 40 متر، مما يجعلها الأطول في العالم. وقد صُنعت في ألمانيا بأيدي خبراء عالميين.

 

هندسة إبداعية وتقنيات متطورة

تم تصميم الساعة لتكون أكثر من مجرد أداة لقياس الوقت، بل لتؤدي أدوار رمزية وعملية فريدة. زُوِّدت جدرانها بمصادر ضوئية تبث إشعاعات خاصة خلال المناسبات الإسلامية، مثل دخول الأشهر الهجرية والأعياد. كما يتم إطلاق 16 حزمة ضوئية عمودية تصل لمسافة تزيد عن 10 كيلومترات في السماء عند وقت الأذان.

مكبرات الصوت، المثبتة أعلى الساعة، تبث أذان المسجد الحرام مباشرة إلى المناطق المحيطة من مسافة تصل إلى 7 كيلومترات. أثناء الأذان، تُضاء قمة الساعة بـ21,000 مصباح ضوئي باللونين الأبيض والأخضر، يمكن رؤيتها من مسافة 30 كيلومتراً، ما يعزز من إدراك وقت الصلاة، خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة.

تتغير ألوان واجهات الساعة حسب الوقت؛ فهي بيضاء بمؤشرات سوداء نهاراً، وخضراء بمؤشرات بيضاء ليلاً. يعلو الساعة هلال ضخم بارتفاع 23 متر، وهو الأكبر من نوعه في العالم.

 

الهندسة الداخلية والتصميم المعماري

تتميز قمة برج الساعة بتصميم داخلي مستوحى من السفن، مع مساحات مخصصة للسكن والتشغيل والصيانة. يحتوي البرج على ستة مصاعد لنقل الزوار إلى الشرفة المحيطة بالساعة، والتي يبلغ عرضها خمسة أمتار. تم تزيين البرج بزخارف إسلامية مستوحاة من التراث العربي، مما يضفي عليه طابع فني مميز.

من الناحية التقنية، تم تطوير الساعة بواسطة شركة ألمانية بمشاركة 250 مهندس وفني. استخدمت سبع رافعات برجية لتثبيت مكوناتها الضخمة، بينما غُطيت الساعة بـ98 مليون قطعة من الفسيفساء الزجاجية الملونة، وأكثر من مليوني وحدة ضوئية LED للإضاءة.

 

دقة التشغيل والتحكم

تتكون الساعة من أربع واجهات، ولكل واجهة محرك خاص بها يزن أكثر من 21 طن. تعتمد الساعة على نظام دقيق للحفاظ على التزامن بين واجهاتها الأربع، حيث ترتبط بتوقيت مكة المكرمة عبر خمس ساعات ذرية عالية الدقة.

توفر الألواح الشمسية الطاقة الكهربائية لتشغيل الساعة، إلى جانب الشبكة الكهربائية العامة. تتميز محركات الساعة بدقة عالية تصل إلى تفاوت قدره 0.01 ملم، مما يقلل الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة.

 

تفاصيل إضافية: قوة وجمال

يغطي سطح الساعة 430 متر مربع من الألياف الكربونية المطورة، ما يضمن مقاومتها لتغيرات الطقس. صُنعت التروس الداخلية من مزيج خاص من البرونز والفولاذ، حيث تم تشكيلها بدقة عالية لتتحمل الاحتكاك والضغط.

الهلال الذهبي، الذي يزين قمة الساعة، يبلغ قطره 23 متر، ويشكل عنصر جمالي وإبداعي بارز. يحمل الهلال كلمة "الله أكبر"، حيث يصل طول حرف الألف فيها إلى 23 متراً.

 

دور الساعة في الحياة الإسلامية

تلعب ساعة مكة دور مهم في الحياة اليومية للمسلمين، حيث تُستخدم كمرجع زمني موحد في العالم الإسلامي. إشاراتها الضوئية وقت الأذان تساعد ضعيفي السمع والأشخاص في المناطق البعيدة على معرفة مواقيت الصلاة. كما تضفي الزخارف المضيئة والألوان المتغيرة جواً من الروحانية على المناسبات الإسلامية الكبرى.

 

تمثل ساعة مكة تحفة معمارية فريدة، وتُعتبر رمز للابتكار الإسلامي والإبداع الهندسي، حيث تستقطب أنظار الملايين من الزوار سنوياً. بفضل تقنياتها المتقدمة وتصميمها الفريد، تبقى ساعة مكة شاهدة على قدرة المسلمين على الدمج بين الحداثة والتراث في معلم عالمي بارز، فهي بكل تفاصيلها الهندسية وإبداعها المعماري، تمثل ساعة مكة رمزاً عالمياً للإسلام ومكة المكرمة.