في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الصناعات الوطنية، جاءت شركة "سير" لتكون أول علامة تجارية سعودية متخصصة في صناعة السيارات الكهربائية. هذا المشروع الطموح يُبرز التزام المملكة بتبني التكنولوجيا الحديثة والمساهمة في حماية البيئة من خلال تقديم حلول تنقل مستدامة. أُعلن عن إطلاق شركة "سير" رسمياً في 3 نوفمبر 2022، من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في خطوة تعكس تطلع المملكة نحو قيادة المستقبل في هذا القطاع الواعد.
تأسيس شركة سير: تعاون عالمي برؤية محلية
تمثل "سير" مشروع مشترك بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يُعد أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، وشركة فوكسكون الرائدة في مجال تطوير التقنيات الحديثة. بموجب هذه الشراكة، ستتولى فوكسكون مسؤولية تطوير الأنظمة الكهربائية للسيارات، بينما ستوفر شركة بي إم دبليو تراخيص مكونات السيارات الكهربائية. هذا التعاون يعكس استراتيجية المملكة في جلب الشركاء العالميين للاستفادة من خبراتهم، مع التركيز على بناء قدرات محلية مستدامة.
تستهدف شركة "سير" تصميم وتصنيع وبيع سيارات كهربائية متقدمة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط. ستتميز هذه السيارات بتقنيات متطورة تشمل أنظمة القيادة الذاتية، ما يجعلها منافس قوي في السوق الإقليمي والعالمي.
الأهداف والتطلعات
تنمية الاقتصاد الوطني
تسعى شركة "سير" إلى تحقيق إسهام اقتصادي كبير من خلال تطوير قطاع السيارات الكهربائية محلياً. كما تهدف الشركة إلى المساهمة بحوالي 8 مليارات دولار في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2034، وهو ما يتماشى مع طموحات المملكة لزيادة نسبة الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على النفط.
الطرح في السوق
من المتوقع أن تكون سيارات "سير" متاحة للبيع بحلول عام 2025، مع تصنيعها بالكامل داخل المملكة. هذا الإنجاز سيجعل السعودية واحدة من الدول القليلة عالمياً التي تمتلك صناعة سيارات كهربائية متكاملة، مما يعزز مكانتها في السوق العالمية.
تعزيز الاستدامة
تعمل "سير" على تحقيق أهداف بيئية طموحة عبر تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال توفير سيارات كهربائية تعتمد على الطاقة النظيفة، مما يدعم رؤية المملكة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
إنجازات بارزة في مسيرة "سير"
الترخيص الصناعي
في 21 يونيو 2023، حصلت شركة "سير" على الترخيص الصناعي من وزارة الصناعة والثروة المعدنية، لتأسيس منشأة تصنيع حديثة للسيارات الكهربائية. هذا الترخيص يُعتبر خطوة حاسمة في مسيرة الشركة نحو إطلاق سياراتها في الأسواق.
تعاون مع شركة سيمنز
في نوفمبر 2023، وقعت شركة "سير" اتفاقية مع شركة سيمنز لتطبيق تقنيات الأتمتة المتقدمة داخل مصنعها في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. تهدف هذه الخطوة إلى تحسين كفاءة التصنيع وضمان جودة عالية للمنتجات، مما يسهم في ترسيخ مكانة "سير" كشركة رائدة في هذا القطاع.
شراكة مع هيونداي ترانسيس
في يونيو 2024، أبرمت شركة "سير" عقداً بقيمة 2.2 مليار دولار مع شركة هيونداي ترانسيس، يتم بموجبه تزويد سيارات "سير" بنظام قيادة كهربائي متكامل (EDS). هذا التعاون يعكس التزام الشركة بتبني أحدث التقنيات العالمية لتعزيز تجربة القيادة.
مصنع سير: القلب النابض للصناعة
يمثل مصنع "سير" في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية أحد أعمدة النجاح للشركة. في 29 نوفمبر 2022، أعلنت شركة إعمار المدينة الاقتصادية توقيع عقد بيع أرض صناعية لصالح "سير" لإنشاء المصنع، الذي يمتد على مساحة تزيد عن مليون متر مربع.
موقع استراتيجي
يقع المصنع في الوادي الصناعي بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وهو موقع استراتيجي يوفر بنية تحتية متقدمة ودعم لوجستي يساهم في تسهيل العمليات الصناعية والنقل.
تصميم المصنع
تم تصميم المصنع وفقاً لأحدث المعايير العالمية، مع التركيز على دمج التكنولوجيا المتقدمة في جميع مراحل الإنتاج. يهدف المصنع إلى إنتاج سيارات بتقنيات عالية الجودة مع تحقيق كفاءة في استهلاك الطاقة.
الفرص الوظيفية
من المتوقع أن يوفر المصنع آلاف فرص العمل للمواطنين السعوديين، مع التركيز على تدريب الكوادر الوطنية لتطوير مهاراتهم في مجالات التصميم، التصنيع، والإدارة.
دور شركة سير في تحقيق رؤية 2030
تُجسد "سير" التزام المملكة بتحقيق أهداف رؤية 2030، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الصناعات المحلية. من خلال التركيز على صناعة السيارات الكهربائية، تسهم الشركة في:
- تقليل الاعتماد على الواردات: من خلال إنتاج السيارات محلياً.
- تحفيز الابتكار: عبر تبني تقنيات حديثة مثل القيادة الذاتية وأنظمة التشغيل الكهربائية المتقدمة.
- توفير فرص عمل جديدة: مع التركيز على توظيف وتدريب المواطنين السعوديين.
- تعزيز مكانة المملكة عالمياً: كواحدة من الدول الرائدة في تبني التكنولوجيا المستدامة.
التحديات والطموحات
رغم الإنجازات التي حققتها شركة "سير"، إلا أن هناك تحديات تواجهها، مثل المنافسة العالمية في سوق السيارات الكهربائية، وضرورة مواكبة التطورات السريعة في التقنيات الحديثة. ومع ذلك، يبدو أن الشركة عازمة على مواجهة هذه التحديات من خلال شراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية، واستثمارها في تطوير البنية التحتية والتقنيات.
تمثل شركة "سير" علامة فارقة في مسيرة المملكة العربية السعودية نحو المستقبل، حيث تجمع بين الابتكار والاستدامة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق تطلعات رؤية 2030. من خلال استثماراتها في التكنولوجيا المتقدمة وشراكاتها مع كبرى الشركات العالمية، تتقدم "سير" بخطى واثقة نحو بناء مستقبل مشرق لصناعة السيارات الكهربائية في المملكة.
