كل ما تحتاج معرفته عن مدينة ذا لاين

في خطوة طموحة نحو المستقبل، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشروع "ذا لاين" في منطقة نيوم، الذي يمثل تحولاً نوعياً في تخطيط المدن وتطويرها. يهدف المشروع إلى إنشاء مدينة ذكية مستدامة تعيد تصور الحياة الحضرية بشكل جذري، حيث يعتمد على مفاهيم مبتكرة تجعل من المجتمعات البشرية محوراً أساسياً للتصميم، بعيداً عن هيمنة المركبات والتلوث. يمتد المشروع على طول 170 كيلومتراً من ساحل نيوم على البحر الأحمر شمال غرب المملكة العربية السعودية، ليصل إلى عمق جبال وصحراء نيوم شرقاً، ويعد بتقديم نموذج حضري فريد يلبي احتياجات الإنسان دون المساس بالبيئة.

تصور جديد للمدن الذكية

يُعتبر "ذا لاين" جزءاً من رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى نموذج عالمي رائد في مختلف المجالات. كما يعتمد المشروع على بنية تحتية متطورة تعمل بالكامل بالطاقة المتجددة، مما يحقق الاستدامة البيئية في أبهى صورها. بفضل تصميمه الخالي من الانبعاثات الكربونية والتلوث والضوضاء، سيعيش سكان المدينة في بيئة صحية وآمنة، مع إمكانية الوصول إلى كافة الخدمات والمرافق في غضون 5 دقائق سيراً على الأقدام.

 

مميزات مشروع "ذا لاين"

 

مجتمعات إدراكية متصلة بالذكاء الاصطناعي

يعد "ذا لاين" أكثر من مجرد مدينة ذكية، فهو عبارة عن سلسلة من المجتمعات الإدراكية المتصلة والمعززة بالذكاء الاصطناعي. تهدف هذه المجتمعات إلى احتضان أكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم، مما سيجعلها منصة عالمية في الابتكار والأعمال التجارية المزدهرة. تعتمد المجتمعات على بنية تحتية رقمية تشمل الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ما يتيح لهذه المجتمعات التفاعل والاستجابة بفعالية لاحتياجات السكان وتوقعها قبل حدوثها.

 

التنقل المستدام

إحدى المميزات الأساسية لمشروع "ذا لاين" هي إلغاء الحاجة إلى السيارات تماماً. فبفضل تصميم المدينة الذي يعزز مفهوم المشي، سيتمكن السكان من الوصول إلى جميع احتياجاتهم اليومية سيراً على الأقدام. كما سيتم توفير وسائل نقل فائقة السرعة تمكن السكان من التنقل عبر المدينة بكفاءة، حيث يمكن قطع المسافة من أول المشروع إلى آخره في 20 دقيقة فقط. هذه الأنظمة ستسهم في تقليل الازدحام المروري والضوضاء، وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

 

البنية التحتية الخضراء

يتم تشغيل مشروع "ذا لاين" بالكامل باستخدام الطاقة المتجددة، مما يجعله نموذجاً فريداً في تبني الممارسات المستدامة. يعمل المشروع على تقليل الانبعاثات الكربونية، وهو جزء من الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، تُدمج الطبيعة في تصميم المدينة بشكلٍ يجعلها جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للسكان، مما يعزز من مفهوم العيش مع البيئة.

التأثير الاقتصادي والاجتماعي

إضافة إلى الناتج المحلي وفرص العمل من المتوقع أن يسهم مشروع "ذا لاين" بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد السعودي. من المقدر  أن يضيف المشروع 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، كما سيخلق نحو 380 ألف فرصة عمل جديدة. هذه الفرص ستشمل مختلف المجالات، بدءاً من التكنولوجيا والابتكار وحتى البناء والخدمات، وهذا ما سيعزز من تنوع الاقتصاد السعودي ويقلل من اعتماده على النفط.

احتضان الكفاءات والعقول المبدعة

يهدف مشروع "ذا لاين" إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة، يعتمد على جذب الكفاءات والعقول العلمية من مختلف أنحاء العالم. سيشكل المشروع بيئة مثالية للابتكار وريادة الأعمال، حيث سيتمكن العلماء والمبدعون من تطوير أفكارهم وتحويلها إلى مشاريع ناجحة. هذه البيئة الداعمة ستسهم في تعزيز مكانة السعودية كوجهة عالمية للابتكار والتكنولوجيا.

التصميم المعماري والبنية التحتية

 

نهج غير تقليدي في تصميم المدن

يتميز مشروع "ذا لاين" بتصميم معماري غير تقليدي يعيد تصور تخطيط المدن. يتم بناء المجتمعات السكنية فوق بنية تحتية تشبه العمود الفقري، مما يتيح الوصول السريع والفعال إلى مختلف مناطق المدينة والطبيعة المحيطة بها. تعتمد المدينة على تصميم متعدد الطبقات يعتمد على مفهوم "انعدام الجاذبية"، حيث تُوزع مكونات المدينة بشكل عمودي، مما يعزز من كفاءة استخدام المساحات ويخلق بيئة  أكثر توازناً.

الواجهات المعكوسة والانسجام مع الطبيعة

تم تصميم واجهات المباني في "ذا لاين" لتكون معكوسة، وهذا الانعكاس يعزز من انسجامها مع البيئة المحيطة، فهي تعكس الضوء الطبيعي وتساهم في تقليل الحاجة إلى الإضاءة الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، يتم وضع النباتات في أماكنها بناءً على احتياجاتها لضوء الشمس أو الظل، مما يضمن تناغم الحياة النباتية مع البيئة المعمارية. هذا النهج يجعل "ذا لاين" مدينة صديقة للبيئة توفر بيئة معيشية متكاملة تعتمد على الحلول المستدامة.

تحديات وتحولات عالمية

 

استجابة لتحديات العصر

يعد مشروع "ذا لاين" استجابة مبتكرة للتحديات التي تواجه العالم اليوم، مثل تغير المناخ، والازدحام الحضري، والتلوث. من خلال تبني تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، يسعى المشروع إلى تقديم حلول فعالة ومستدامة لهذه المشكلات. حيث يمثل نموذجاً يحتذى به في كيفية بناء مدن المستقبل التي تضع الإنسان والبيئة في قلب عملية التطوير.

 

تطور تكنولوجي فريد

يعتمد "ذا لاين" بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي في جميع جوانب الحياة في المدينة، من إدارة الموارد إلى تقديم الخدمات العامة. كما تسهم الروبوتات في تحسين كفاءة الخدمات وتقليل التكاليف. هذه التقنيات تتيح للمدينة العمل بكفاءة عالية، مع تحسين جودة الحياة للسكان وتعزيز الاستدامة.

 

أهمية الموقع الاستراتيجي

 

موقع فريد على مفترق طرق العالم

يقع المشروع في شمال غرب المملكة العربية السعودية، عند طرف خليج العقبة على البحر الأحمر. هذا الموقع الاستراتيجي يضع المدينة في قلب حركة التجارة العالمية، حيث يمر حوالي 13% من حركة التجارة العالمية عبر البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لحوالي 40% من سكان العالم الوصول إلى نيوم في أقل من 4 ساعات، مما سيجعلها مركزاً عالمياً للابتكار والأعمال.

 

اندماج مثالي مع البيئة المحيطة

تم اختيار موقع "ذا لاين" بعناية ليحقق توازناً بين التطوير الحضري والحفاظ على البيئة. يعتمد تصميم المدينة على مبادئ الاستدامة، حيث يتم الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الأثر البيئي. هذا الانسجام مع الطبيعة يجعل من "ذا لاين" نموذجاً للمدن المستقبلية التي تجمع بين الحداثة واحترام البيئة.

 

خطوات التنفيذ والتطوير

 

التقدم المحرز منذ إطلاق نيوم

منذ تأسيس مشروع نيوم في يناير 2019، حققت الشركة تقدماً كبيراً في تنفيذ خططها. تم افتتاح مطار خليج نيوم، ووقعت الشركة العديد من العقود مع مستثمرين وطنيين ودوليين لبناء البنية التحتية والمرافق. كما تم توقيع عقد شراكة مع شركتي "إير بروداكتس" و"أكوا باور" لبناء أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم.

استقطاب المواهب والكفاءات العالمية

يسعى المشروع  إلى جذب أبرز المواهب والعقول من داخل المملكة وخارجها. يهدف هذا الجهد إلى خلق بيئة تزدهر فيها الأفكار والمشاريع، مما يسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030. تم استقطاب العديد من الخبرات والكفاءات من مختلف دول العالم، وتم تحقيق تنوع الفريق العامل على المشروع وضمان أعلى مستويات الجودة والابتكار.

 

مستقبل "ذا لاين" وآفاق النمو

 

تحقيق الأهداف بحلول 2030

من المتوقع أن يسكن المدينة حوالي مليون شخص، مما يتطلب بناء العديد من المرافق والمساكن في فترة زمنية قصيرة. لتحقيق هذا الهدف، سيتم الاعتماد على تقنيات البناء المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لتسريع عمليات البناء وضمان أعلى مستويات الجودة.

 

تأثير "ذا لاين" على التخطيط الحضري عالمياً

يمثل "ذا لاين" تحولاً جذرياً في كيفية تخطيط المدن وبنائها. من المتوقع أن يلهم هذا المشروع مدن المستقبل في جميع أنحاء العالم، حيث يُعد نموذجاً يحتذى به في كيفية تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والاستدامة البيئية. بالإضافة إلى ذلك، سيؤثر المشروع بشكل إيجابي على مجالات أخرى مثل الطاقة، النقل، والصحة، وسيزيد من جودة الحياة للسكان ويسهم في بناء مجتمعات أكثر ازدهاراً.

ومما سبق نرى أن  مشروع "ذا لاين" تحفة معمارية وهندسية، يقدم تصوراً جديداً لمستقبل المدن، حيث يتمحور التصميم حول الإنسان والبيئة. بفضل موقعه الاستراتيجي على البحر الأحمر وتبنيه لمفهوم "انعدام الجاذبية" في تصميمه، يمثل رمزاً للتطور الحضري المستدام، الذي يسعى لتحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على البيئة. في النهاية، يجسد هذا المشروع الطموح السعودي لبناء مدينة نموذجية تواكب تحديات القرن الحادي والعشرين، وتساهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحة العالمية.