فيراري إل إم 250 موديل 1964: أيقونة حقيقية في مزاد آر إم سوثبيز في باريس
تستعد شركة آر إم سوثبيز لأحد أكثر الأحداث إثارة في عالم مزادات السيارات الكلاسيكية، مزادها الأوروبي السنوي الثاني عشر الذي يقام في قلب باريس. لطالما كانت "مدينة الأضواء" الشهيرة مكاناً مفضلاً لبعض المزادات الأكثر شهرة، حيث يقام الحدث في قاعة Les Salles du Carrousel الرائعة في قصر اللوفر. وباعتبارها واحدة من أكثر الأماكن فخامة في العالم، توفر باريس مسرحاً مناسباً لهواة الجمع العالميين لعرض سياراتهم الأكثر قيمة. تقع ساحة فيندوم البراقة ومنطقة التسوق الشهيرة "المثلث الذهبي" في باريس على بعد لحظات فقط، مما يضيف عنصراً آخر من الجاذبية إلى حدث غير عادي بالفعل.
من المتوقع أن يحطم مزاد آر إم سوثبيز في باريس المقرر إقامته في الرابع والخامس من فبراير الأرقام القياسية مرة أخرى. تتنوع تشكيلة المركبات الرائعة من السيارات الكلاسيكية الشهيرة إلى السيارات الخارقة الحديثة، ولكن هناك سيارة واحدة من المؤكد أنها ستبرز من بين كل هذه السيارات، وهي سيارة فيراري إل إم 250 طراز عام 1964. هذا الطراز على وجه الخصوص هو مثال نادر على التميز الهندسي لفيراري، تمتلك هذه السيارة تاريخ سباقات غني يعزز مكانتها كواحدة من أهم السيارات الرياضية التي تم تصنيعها على الإطلاق. تقدم سيارة إل إم 250 المعروضة للبيع فرصة استثنائية لهواة الجمع و المتحمسين لامتلاك هذه التحفة الفريدة.
ترتبط قصة سيارة فيراري إل إم 250 ومكانتها في تاريخ السباقات ارتباطاً وثيقاً بإرث لويجي شينيتي، سائق السباقات الإيطالي الذي أصبح أحد أهم شخصيات فيراري في الولايات المتحدة. يرتبط اسم شينيتي بصعود فيراري إلى الصدارة في أمريكا، وقد بدأت علاقته بالعلامة التجارية في ثلاثينيات القرن العشرين عندما التقى لأول مرة إينزو فيراري أثناء عمله مع ألفا روميو. وباعتباره ميكانيكياً محترفاً وسائقاً موهوباً، صنع شينيتي لنفسه اسماً في حلبة السباق، وخاصة في سباق 24 ساعة في لومان.
حقق شينيتي أول نجاح ملحوظ في عامي 1932 و 1933 عندما فاز بسباق التحمل الشهير مع ألفا روميو. وفي عام 1949 حقق شينيتي انتصاراً تاريخياً، وهو أول فوز لفيراري في لومان، وهو يقود سيارة فيراري إم إم 166. لم يمثل هذا الانتصار إنجازاً مهماً في رياضة السيارات فحسب، بل عزز أيضاً سمعة فيراري المتنامية في السباقات الدولية.
بعد انتقاله إلى الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح شينيتي المستورد الرسمي لسيارات فيراري في أمريكا الشمالية في عام 1950، وافتتح أول وكالة له في مدينة نيويورك قبل الانتقال إلى جرينتش بولاية كونيتيكت. وسرعان ما أصبحت وكالته رمزاً لجاذبية فيراري في أمريكا، وامتد تأثير شينيتي إلى ما هو أبعد من مبيعات السيارات. في عام 1957، أسس فريق سباق أمريكا الشمالية (NART)، والذي سيصبح فيما بعد أحد أهم شركاء فيراري في رياضة السيارات. وعلى مدار العقدين التاليين، شارك فريق NART بنحو 70 سيارة فيراري في لومان، مما ضمن مكانة الفريق في تاريخ السباقات.
فيراري إل إم 250: ثورة في عالم السباقات
تم طرح سيارة فيراري إل إم 250 في صالون باريس عام 1963، وكانت بمثابة إنجاز كبير في مجال هندسة السيارات لدى فيراري. كانت أول سيارة فيراري GT تتميز بتصميم محرك وسطي - وهو التصميم الذي أثبت نجاحه بالفعل في سيارات فيراري للفورمولا 1. كانت 250 LM مزيجاً مذهلاً من التصميم الديناميكي الهوائي والهندسة القوية. كانت مدعومة بمحرك V12 سعة 3.3 لتر، كل ذلك جعلها تعكس الجمال والأداء في الوقت نفسه.
وعلى الرغم من إمكاناتها المذهلة، واجهت سيارة إل إم 250 تحديات كبيرة في عالم السباقات التنافسية. فقد رفض الاتحاد الدولي للسيارات (FIA) تصنيف السيارة كسيارة GT، وحصرها في فئة النماذج الأولية. وقد حد هذا القرار من أهلية السيارة للمشاركة في العديد من الأحداث المرموقة. وبسبب إحباطها من هذه النكسة، لجأت فيراري إلى فرق خاصة، مثل NART، لمواصلة تطوير السيارة وإطلاق العنان لإمكاناتها.
في عام 1965 شاركت NART بإحدى سيارات إل إم 250 التي تحمل رقم الهيكل 5893، في سباق 24 ساعة في لومان. وقاد السيارة الأمريكي ماستن جريجوري والنمساوي يوخن ريندت، وتحدت السيارة كل الصعاب وحققت فوزاً غير عادي. وعلى الرغم من وجود نماذج أولية أكثر تقدماً من فريق فورد وفيراري، إلا أن سيارة NART Ferrari قاومت الظروف الصعبة للسباق. وبحلول الساعة 21، كانت السيارة قد تقدمت، و فازت بالسباق في النهاية بفارق خمس لفات.
كان هذا الفوز تاريخياً لأسباب عدة، فلم يكن يمثل فقط المرة الأولى التي تفوز فيها سيارة فيراري خاصة بسباق لومان، بل إنه ضمن أيضاً فوز فيراري السادس على التوالي في السباق المرموق. ومن الملفت أن هذا كان آخر فوز إجمالي لفيراري في لومان حتى انتصار 499 P في عام 2023، مما يجعل فوز الهيكل 5893 أكثر أهمية.
إرث من الانتصارات
لم ينته نجاح إل إم 250 في لومان. فبعد فوزها في عام 1965، واصلت السيارة ذو الهيكل 5893 المنافسة في العديد من سباقات التحمل، وفي كل مرة أثبتت مرونتها وقدرتها التنافسية. في عام 1966، احتلت المركز التاسع في سباق دايتونا الافتتاحي. وفي العام التالي، عادت إلى دايتونا لكنها تعرضت لحادث أجبرها على الانسحاب. كما تعرضت لحادث في لومان عام 1968، لكن السيارة أظهرت متانة ملحوظة، وعادت في عام 1969 لتحتل المركز الثامن في الترتيب العام - وهو إنجاز ملحوظ لسيارة عمرها خمس سنوات.
كان الظهور الرئيسي الأخير للسيارة في عام 1970 في سباق دايتونا 24 ساعة، حيث صعدت من المركز 44 إلى المركز السابع. أثبت هذا الأداء الرائع أن سيارة إل إم 250 لم تكن قديمة الطراز على الإطلاق، كما عزز مكانة السيارة كواحدة من أكثر سيارات السباق شهرة لدى فيراري.
الإرث الخالد لسيارة فيراري إل إم 250
مع 32 نسخة فقط تم تصنيعها على الإطلاق، تعد سيارة فيراري 250 LM قطعة نادرة ومرغوبة في تاريخ السيارات. إن انتصارها في لومان، بالإضافة إلى إنجازاتها الرائعة الأخرى في السباقات، يضعها بين أهم السيارات في تاريخ سباقات التحمل. يمثل هذا الطراز التزام فيراري بالابتكار، ويتحدث نجاحها في أيدي شركات خاصة مثل NART عن روح المنافسة التي حددت العصر الذهبي لسباقات التحمل.
وتُعد فيراري ذو الهيكل 5893 على وجه الخصوص، بمثابة شهادة على براعة فيراري الهندسية وإرثها في السباقات. وبعد سباقها الأخير في عام 1970، بيعت السيارة إلى متحف إنديانابوليس موتور سبيدواي، حيث تم الحفاظ عليها بعناية لأكثر من خمسة عقود. وتحتفظ السيارة بمحركها وعلبة التروس الأصلية، إلى جانب وثائق موسعة تتضمن سجلات الملكية وتفاصيل المشاركة في السباق وتاريخ شرائها من قبل المتحف.
بالنسبة للناس المحظوظين بما يكفي للتواجد في باريس لحضور مزاد آر إم سوثبيز في فبراير، فإن سيارة فيراري إل إم 250 طراز عام 1964 ستكون من أبرز السيارات المشاركة في الحدث، حيث ستوفر فرصة فريدة من نوعها لاقتناء سيارة ذات إرث نابض بالحياة مثل لونها الأحمر المميز.