صندوق الاستثمارات العامة السعودي
صندوق الاستثمارات العامة (PIF) هو صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية، الذي تأسس في عام 1971م، ويعتبر اليوم واحد من أكبر الصناديق السيادية في العالم. إذ يحتل الصندوق المركز الخامس عالمياً بإجمالي أصول تقدر بنحو 925 مليار دولار حتى نهاية أبريل 2023م. ومع الصفقة التاريخية المتعلقة بشركة أرامكو السعودية في مارس 2024م، ارتفعت قيمة أصول الصندوق لتصل إلى نحو 940.6 مليار دولار. يركز الصندوق على تمويل المشاريع ذات القيمة الاستراتيجية التي تسهم في تعزيز الاقتصاد السعودي بشكل مباشر.
أهداف الصندوق وتطلعاته
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى واحد من أكبر الصناديق السيادية عالمياً. ويأتي ذلك من خلال بناء محفظة استثمارية متنوعة تشمل فرص استثمارية جذابة على الصعيدين المحلي والدولي. في عام 2020م، أدار الصندوق أصول بقيمة 400 مليار دولار، مع محفظة تتضمن حوالي 200 استثمار، منها نحو 20 استثمار مدرج في السوق المالية السعودية.
صفقة أرامكو وتحقيق المركز الخامس عالمياً
في مارس 2024، شهد الصندوق قفزة كبيرة في أصوله عقب نقل 8% من إجمالي أسهم شركة أرامكو السعودية إلى صندوق الاستثمارات العامة. ونتيجة لذلك، تقدم الصندوق إلى المركز الخامس عالمياً من بين أكبر الصناديق السيادية. وتجاوز الصندوق السعودي هيئة الاستثمار الكويتية التي بلغت أصولها نحو 923.45 مليار دولار. وبحلول 25 أبريل 2024، أظهر التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 أن إجمالي الأصول المدارة من قبل الصندوق وصل إلى 2.81 تريليون ريال سعودي (749.23 مليار دولار)، متخطية المستهدف المحدد بـ 2.7 تريليون ريال.
إنجازات الصندوق في 2024
في مايو 2024، أشارت دراسة لشركة "براند فاينانس" إلى أن صندوق الاستثمارات العامة حصل على المرتبة الأولى عالمياً كأعلى صندوق سيادي قيمة من حيث العلامة التجارية، بقيمة بلغت 1.1 مليار دولار. كما حصل الصندوق على المركز الثاني عالمياً والأول في منطقة الشرق الأوسط من حيث الحوكمة والاستدامة والمرونة وفق تصنيفات "Global SWF". وفي يوليو 2024، أعلن الصندوق ارتفاع قيمة أصوله بنسبة 28% لتصل إلى 3.7 تريليونات ريال بنهاية 2023، مقارنةً بـ 2.9 تريليون ريال في نهاية 2022.
التأسيس والتطور التاريخي
تأسس صندوق الاستثمارات العامة السعودي في عام 1971 بهدف تمويل المشاريع التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني السعودي. ولعب الصندوق دور رئيسي في تمويل العديد من المشاريع الهامة في قطاعات مثل النفط، التعدين، البتروكيماويات، والكهرباء. في عام 2014، حصل الصندوق على صلاحيات إضافية تمكنه من تمويل شركات جديدة داخل وخارج المملكة بالتعاون مع القطاعات الخاصة والعامة دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
وفي مارس 2015، انتقلت مرجعية الصندوق من وزارة المالية إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود. ومنذ ذلك الحين، شهد الصندوق نمو ملحوظ في أصوله التي بلغت 300 مليار دولار، مضاعفةً بذلك قيمتها منذ 2015. وقد اتبعت الإدارة الجديدة للصندوق استراتيجية تهدف إلى تطوير قدراته الاستثمارية وتوسيع محفظته، بما يتماشى مع أهداف رؤية السعودية 2030.
تحقيق رؤية 2030
في إطار تحقيق رؤية 2030، أطلق الصندوق استراتيجية جديدة في عام 2018 تحت عنوان "استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة (2018-2020)"، التي أسفرت عن تحقيق نمو في الأصول إلى 1.5 تريليون ريال بحلول 2020. ونتيجة لتلك الاستراتيجية، تمكن الصندوق من تفعيل 10 قطاعات اقتصادية جديدة وتوفير أكثر من 331 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة حتى نهاية الربع الثالث من عام 2020.
وقد حققت الاستراتيجية أيضاً نمواً في نسبة العوائد إلى 8% مقارنة بـ 3% خلال الفترة 2014-2016. كما ارتفعت قيمة الاستثمارات المحلية للصندوق إلى 311 مليار ريال، مع تخصيص 20% من المحفظة للاستثمارات العالمية. وفي عام 2021، تم إطلاق استراتيجية جديدة للأعوام (2021-2025) بهدف مضاعفة الأصول إلى 4 تريليونات ريال بحلول 2025.
توسع عالمي واستثمارات مبتكرة
على المستوى الدولي، يسعى الصندوق إلى تنويع مصادر دخله من خلال تطوير شراكات استراتيجية مع صناديق عالمية واستثمار في قطاعات متقدمة ومبتكرة. في عام 2022، افتتح الصندوق ثلاثة مكاتب جديدة في لندن، نيويورك، وهونغ كونغ لتعزيز تواجده العالمي والمساهمة في دفع عجلة الاقتصاد العالمي.
في 2024، أصدر الصندوق صكوك بقيمة ملياري دولار، مما يعكس الجدارة الائتمانية التي يتمتع بها الصندوق والذي حصل على تصنيف "A1" من وكالة "موديز". كما شهد الصندوق تطور نوعي بإطلاق مشروع "أردارا" لتطوير وادي أبها في منطقة عسير.
إنجازات بارزة في تمكين الاقتصاد الوطني
إلى جانب الإنجازات العالمية، ساهم الصندوق في تطوير العديد من المشاريع الضخمة في المملكة مثل نيوم، البحر الأحمر، والقدية، والتي تعد من المشاريع الرائدة التي تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة. كما يساهم الصندوق في دعم القطاع الخاص السعودي من خلال تعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة وتقديم حلول تمويل مبتكرة.
وفي إطار التزامه بتحقيق رؤية 2030، يسعى الصندوق إلى ضخ استثمارات كبيرة في قطاعات جديدة تتضمن التقنية والمعرفة. ومن المتوقع أن يسهم الصندوق في تحقيق مستهدفات طويلة المدى تشمل رفع جودة الحياة والتنمية المستدامة في المملكة.
الركائز الاستراتيجية للصندوق
يعتمد الصندوق على 8 ركائز استراتيجية تهدف إلى تحقيق أهدافه، من بينها:
- إطلاق القطاعات المحلية وتنميتها: حيث يركز على الاستثمار في القطاعات السعودية بهدف تنويع مصادر الإيرادات وتحسين جودة الحياة.
- تطوير المشاريع العقارية: بهدف رفع ملكية المنازل وتحسين البنية التحتية.
- تطوير المشاريع الكبرى في المملكة: مثل نيوم والبحر الأحمر.
- تنويع أصول الصندوق العالمية: من خلال تطوير شراكات استراتيجية دولية.
- دعم التنمية الوطنية: بما ينسجم مع رؤية 2030.
- تنويع مصادر التمويل: وتعزيز المركز المالي للصندوق.
المحفظة الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة
طور صندوق الاستثمارات العامة مجموعة من المحافظ الاستثمارية المتنوعة، تشمل ست محافظ تتوزع بين المحلية والعالمية، بهدف تحقيق أهدافه الاستراتيجية على المدى الطويل. وفيما يلي تفاصيل المحافظ الاستثمارية:
محفظة الاستثمارات العالمية المتنوعة
تعتبر هذه المحفظة ركيزة أساسية لتحقيق التنويع الجغرافي والاقتصادي لأصول الصندوق. من خلال الاستثمار في مجموعة متنوعة من الفئات والأصول حول العالم، تسعى المحفظة إلى تعزيز العوائد المالية طويلة الأجل للصندوق وتدعم استدامة أدائه الاستراتيجي.
محفظة الاستثمارات العالمية الاستراتيجية
يركز الصندوق في هذه المحفظة على استثمارات استراتيجية عالمية، سواء بشكل مباشر أو من خلال شراكات مع مستثمرين دوليين مختارين. تشمل بعض الاستثمارات البارزة في هذه المحفظة شركات مثل "لوسد موتورز"، "بلاك ستون"، "أوبر"، "ماجيك ليب"، "أكورإنفست"، "جيو بلاتفورمز"، بالإضافة إلى نادي "نيوكاسل يونايتد". وتشمل استثمارات الصندوق أيضاً برامج مثل "صندوق رؤية سوفت بنك" وشركات مثل "بابليون هيلث" وبرنامج الاستثمار في البرازيل.
محفظة الاستثمارات العقارية وتطوير البنية التحتية في السعودية
تهدف هذه المحفظة إلى تحسين استثمار الأراضي وتطوير البنية التحتية الحيوية في المملكة، مما يسهم في دعم التنمية الاقتصادية. يشمل ذلك تطوير مشاريع حضرية كبرى في المدن، وإنشاء بنية تحتية متقدمة لقطاعات مثل الإسكان والسياحة.
محفظة تطوير القطاعات الواعدة
تركز هذه المحفظة على دعم وتطوير القطاعات الناشئة في المملكة، حيث تمكن الصندوق بين عامي 2017 و2021 من تأسيس العديد من الشركات التي تسهم في تعزيز القطاعات ذات الأولوية. تهدف هذه الاستثمارات إلى تعزيز قدرة المملكة على النمو الاقتصادي من خلال دعم الابتكار والتوسع في القطاعات الناشئة.
محفظة المشاريع السعودية الكبرى
تشمل هذه المحفظة خمسة مشاريع عملاقة، وهي: "روشن"، "نيوم"، "مشروع البحر الأحمر"، "القدية"، و"شركة الدرعية". تهدف هذه المشاريع إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز رئيسي للتنمية الاقتصادية والتطوير العمراني المستدام، وجذب الاستثمارات الدولية والمحلية.
محفظة الاستثمارات في الشركات السعودية
يمتلك الصندوق حصة كبيرة من الشركات السعودية البارزة، سواء كانت شركات خاصة أو مدرجة في السوق المالية السعودية "تداول". تتنوع هذه الشركات بين قطاعات مختلفة مثل الطاقة، العقارات، والخدمات المالية. يهدف الصندوق من خلال هذه الاستثمارات إلى دعم تنافسية الشركات السعودية عالمياً في قطاعات النمو الاستراتيجي. تشمل الأمثلة على هذه الاستثمارات: البنوك السعودية الكبرى مثل "البنك الأهلي السعودي" و"مصرف الإنماء"، بالإضافة إلى شركات مثل "دور للضيافة" و"سنابل للاستثمار".
يواصل صندوق الاستثمارات العامة السعودي مسيرته نحو تحقيق أهدافه الطموحة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. ومع التزامه بتحقيق رؤية 2030، يظل الصندوق محرك رئيسي في تعزيز الاقتصاد السعودي وتطور القطاعات الاستراتيجية التي تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني.