البيت السعودي بين إرث الماضي وحداثة اليوم
شهدت المملكة العربية السعودية عبر الزمن تطورات عديدة في مراحل البناء والتصميم المعماري, حيث كانت الديكورات والتصاميم والأدوات المستخدمة في البناء تختلف من منطقة إلى أخرى قديماً, وبدأت بعد ذلك بالتطور يومأ بعد يوم حتى وصلت إلى ما هو عليه الآن.
يعود الاختلاف في أنماط البناء وتعددها في المدن السعودية إلى عدة عوامل, أبرزها التنوع المناخي بين المدن, الذي ينعكس بشكل مباشر على نوعية المواد المستخدمة في البناء, حيث تفرض العوامل الجوية التي تمتاز بها كل منطقة تأثير مباشر على الديكورات الداخلية والخارجية للبيوت.
جنوب المملكة العربية السعودية كان الطراز المعماري السائد قديماً يعتمد على الحجارة في قواعد التأسيس ليتم من خلالها تكوين شكل بيضاوي تسند إليه أغصان الأشجار والجلود المثبتة بالحبال, إضافة إلى الاعتماد على الطين والخشب في بناء جدران المنازل, وكان يميز الكثير من هذه البيوت تصاميم الأبواب والنوافذ الصغيرة التي تمنع نفاذ الهواء بشكل أكبر إلى الداخل.
وبالحديث عن شرق المملكة كان شائعاً استخدام الصخور البحرية في المدن القريبة من الساحل, بينما كانت الصخور المستخرجة من التلال والمرتفعات الأكثر استخداماً في مدن الداخل السعودي, كما استخدم السعوديون في تلك الفترة جذوع النخيل للأسقف, والطين والجص للجدران من الداخل والخارج وذلك لقدرتها على تحمل وامتصاص الرطوبة التي تميز تلك المناطق.
مدن غرب المملكة كانت تمتاز بتصاميم تعتمد بالمطلق على الحجارة التي كانت تتنوع ما بين اللون الأبيض أو الداكن, وكانت تتألف هذه المساكن من عدة طوابق تزينها من الخارج "الرواشين" وهي نوافذ خشبية بارزة ذات زخارف وأشكال مميزة, في حين كانت الجدران من الداخل مدعومة بالطين والأسقف بالخشب.
أساليب البناء في السعودية مرت بمراحل عديدة منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا, فقد تطورت الوسائل والمواد المستخدمة مع تطور الصناعات والثورة الرقمية, وظهور شركات متخصصة بالاستثمار والتطوير العقاري, لذلك أصبحنا نجد اليوم تحولاً جذرياً من أساليب البناء التقليدية إلى أساليب البناء الحديث, حيث تم البدء بالاستثمار في التقنيات المتطورة, التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة, إضافة إلى تعدد تقنيات البناء لتشمل خيارات مثل الوحدات الخرسانية ثلاثية الأبعاد مسبقة الصنع, وحدات الخرسانة المعزولة, أسلوب الطباعة ثلاثية الأبعاد, واستخدام الروبوت وغيرها الكثير من التقنيات.
بالنظر إلى تاريخ وحاضر فن العمارة السعودية نجد أنه بالرغم من التطور الكبير والنقلة النوعية, إلا أنه مازال هناك بعض التفاصيل القديمة التي يحافظ عليها السعوديون كنوع من التراث وثقافة المكان, مضافاً إليها لمسات تقنية حديثة تناسب هذا الوقت, لينتج عن ذلك مزيج معماري يجذب الانتباه.