أبرز الصناعات الدوائية وشركات صناعة الأدوية في السعودية
شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تطور كبير في قطاع الصناعات الدوائية، حيث تسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الأدوية المستوردة وتعزيز الإنتاج المحلي من خلال الاستثمارات الكبيرة في قطاع الرعاية الصحية وصناعة الأدوية. وتعتمد هذه الجهود على شراكات بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى التعاون مع شركات الأدوية العالمية بهدف تحقيق التوطين التدريجي لهذه الصناعة الهامة. في هذا السياق، نستعرض فيما يلي ملامح صناعة الأدوية في المملكة وأبرز الشركات العالمية التي تعمل فيها، بالإضافة إلى استعراض دور الهيئة العامة للغذاء والدواء.
حجم سوق الأدوية في المملكة العربية السعودية
يعد سوق الأدوية في المملكة من أكبر الأسواق في المنطقة، وقد بلغ حجمه في عام 2023 نحو 9.2 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن يستمر هذا السوق في النمو ليصل إلى 11.5 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 2.52% خلال الفترة الممتدة بين 2024 و 2032. هذا النمو يعكس الأهمية المتزايدة التي توليها المملكة للصناعات الدوائية والجهود المبذولة لتطوير هذا القطاع.
وتُعزى أسباب هذا النمو إلى عدة عوامل رئيسية، منها النمو السكاني السريع الذي يرفع من الطلب على خدمات الرعاية الصحية، بالإضافة إلى زيادة الوعي الصحي بين السكان. كما تلعب المبادرات الحكومية المستمرة لتحسين قطاع الرعاية الصحية دور مهم في تعزيز سوق الأدوية، حيث تسعى الحكومة إلى رفع جودة الخدمات الصحية وتوسيع نطاقها لتشمل جميع فئات المجتمع. ومن العوامل الأخرى التي تساهم في نمو سوق الأدوية ارتفاع مستويات الدخل لدى المواطنين، ما يزيد من قدرتهم على الحصول على الأدوية والخدمات الصحية.
إلى جانب ذلك، يشهد قطاع الأدوية في المملكة العربية السعودية استثمارات متزايدة في تطوير الأدوية المتقدمة التي تعالج الأمراض المزمنة والمعقدة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. وتسعى المملكة من خلال هذه الاستثمارات إلى تحقيق الريادة في مجال الأدوية البيولوجية والتقنيات الحديثة في الطب.
التوقعات المستقبلية لسوق الأدوية في السعودية
بحسب منصة "Statista"، من المتوقع أن تصل إيرادات سوق الأدوية في المملكة إلى 5.56 مليار دولار أمريكي في عام 2024. وتعد أدوية الأورام من أبرز القطاعات التي ستحقق نمو ملحوظ، إذ يُتوقع أن تبلغ قيمة سوق أدوية الأورام نحو 1.08 مليار دولار أمريكي في العام نفسه. ويشير ذلك إلى تزايد الطلب على هذه الأدوية نتيجة للجهود المبذولة لتحسين سبل تشخيص وعلاج مرض السرطان في المملكة.
وعلى مدى الفترة الممتدة من 2024 إلى 2028، من المتوقع أن تحقق الإيرادات السنوية لسوق الأدوية نمو بنسبة 6.08%، وهو ما يشير إلى حجم سوق قد يصل إلى 7.04 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028. هذا النمو يبرز التزام المملكة بتعزيز قدراتها في مجال الرعاية الصحية وصناعة الأدوية، ويؤكد أن الصناعات الدوائية ستكون أحد المحركات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة في المملكة خلال السنوات القادمة.
الشركات العالمية الرائدة في السوق السعودي
تحتل الشركات العالمية مكانة هامة في سوق الأدوية السعودي، حيث تقدم هذه الشركات خبراتها وتقنياتها المتطورة للمساهمة في تطوير الصناعات الدوائية المحلية. وتأتي في مقدمة هذه الشركات:
1. شركة فايزر Pfizer:
الشركة الأمريكية التي تعتبر من الشركات الرائدة في مجال الأدوية على مستوى العالم، وقد بدأت نشاطها في المملكة العربية السعودية منذ أوائل الستينيات. تركز "فايزر" على مجالات متعددة مثل اللقاحات، وأدوية الأمراض الباطنية، والأورام، والالتهابات، وأمراض المناعة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض النادرة. في عام 2017، أنشأت الشركة مصنع للتّصنيع والتعبئة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بقيمة 50 مليون دولار أمريكي، مما يعكس التزامها بتعزيز الإنتاج المحلي للأدوية. وتعد "فايزر" أول شركة تحصل على رخصة تجارية من الهيئة العامة للاستثمار في المملكة، وهو إنجاز يعزز حضورها في السوق السعودي.
2. شركة Sanofi:
تأسست شركة "سانوفي" الفرنسية في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من 50 عام، وتحتل المرتبة الثانية من حيث الإيرادات، حيث بلغت مبيعاتها 535 مليون دولار أمريكي. تعمل "سانوفي" في مجالات متعددة تشمل أدوية السكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والأورام، وزراعة الأعضاء، والأمراض النادرة، بالإضافة إلى اللقاحات والرعاية الصحية للمستهلك.
3. شركة نوفارتيس Novartis:
تحتل الشركة السويسرية المرتبة الثالثة في سوق الأدوية السعودي، بإيرادات تبلغ 420 مليون دولار أمريكي. تركز "نوفارتيس" على مجموعة واسعة من المجالات العلاجية على المستوى العالمي، ما يجعلها من اللاعبين الرئيسيين في المملكة.
4. شركة GlaxoSmithKline) GSK):
تُعتبر شركة "GSK" البريطانية من الشركات الرائدة في مجال الأدوية على مستوى العالم، حيث تعمل في المملكة منذ 60 عام. تركز على علاج أمراض الجهاز التنفسي وفيروس نقص المناعة البشرية، بالإضافة إلى اللقاحات والرعاية الصحية للمستهلك. بلغت إيرادات الشركة في المملكة 375 مليون دولار أمريكي، ويعمل لديها أكثر من 262 موظفاً.
دور الهيئة العامة للغذاء والدواء في تطوير الصناعات الدوائية
تُعد الهيئة العامة للغذاء والدواء الجهة المسؤولة عن تنظيم ومراقبة قطاع الصناعات الدوائية في المملكة. وفي إطار رؤية 2030، قامت الهيئة بتنفيذ خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى مواجهة التحديات التي تواجهها كمنظم لقطاعات الغذاء والدواء والأجهزة الطبية. وتشمل هذه الخطة التي تم تنفيذها خلال الفترة (2018-2022) تحسين معايير الجودة والكفاءة في الصناعات الدوائية، وتعزيز الوصول إلى الأدوية والمنتجات الطبية الآمنة.
كما تسعى الهيئة إلى تعزيز الأمن التنموي والغذائي، وضمان توفر الأدوية الأساسية للمجتمع. وتعمل الهيئة أيضاً على تعزيز الوقاية من المخاطر الصحية من خلال تطوير نظام صحة عامة قوي وقادر على التعامل مع الأزمات الصحية. ويُعد تحسين جودة الخدمات الصحية في المملكة أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى الهيئة لتحقيقها ضمن رؤية 2030، حيث تسعى إلى تحقيق التكامل بين مختلف القطاعات الصحية والدوائية لضمان تقديم خدمات صحية عالية الجودة لجميع المواطنين.
توطين الصناعات الدوائية: نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي
تعمل المملكة العربية السعودية على توطين الصناعات الدوائية بشكل تدريجي، وذلك من خلال دعم الاستثمارات المحلية وتشجيع الشركات العالمية على إنشاء مصانع ومراكز إنتاج داخل المملكة. وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز القدرات الإنتاجية المحلية وتقليل الاعتماد على الأدوية المستوردة. يعتبر التوطين أحد الركائز الأساسية لتحقيق الاستدامة في هذا القطاع، وهو جزء من جهود المملكة لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين السعوديين.
تشهد صناعة الأدوية في المملكة العربية السعودية تطور ملحوظ يعكس التزام الحكومة بتطوير قطاع الرعاية الصحية وتعزيز قدرات المملكة في مجال الصناعات الدوائية. ومن المتوقع أن يستمر هذا القطاع في النمو خلال السنوات القادمة بفضل الاستثمارات الحكومية والشراكات مع الشركات العالمية، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتوطين الصناعات الدوائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.