معرض سيتي سكيب الرياض 2025
تشهد المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحوّل غير مسبوق في بنيتها العمرانية وحركتها الاقتصادية. من المشاريع الكبرى والمدن الذكية، ومن الرؤى الطموحة إلى التنفيذ العملي، أصبحت السعودية نافذة مفتوحة لمستقبل العمران العالمي. وفي قلب هذا التحول يأتي معرض سيتي سكيب العالمي 2025 في الرياض، ليكون المنصة الأبرز التي تجمع تحت سقف واحد رواد التطوير العقاري والمستثمرين والمهندسين والمخططين من مختلف أنحاء العالم، في حدث يعكس بوضوح نضوج القطاع العقاري السعودي وتكامله مع رؤية 2030.

الحدث الأضخم في عالم العقار
تستضيف الرياض فعاليات سيتي سكيب العالمي 2025 بين 17 و20 نوفمبر في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات في ملهم، وهو المكان الذي أصبح رمزا للابتكار واستضافة الأحداث العالمية. المعرض الذي تنظمه مجموعة “إنفورما” بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، يُعد أكبر فعالية عقارية في المنطقة، ويستقطب عشرات الآلاف من الزوار سنوياً من المستثمرين والمطورين ورواد الأعمال، إلى جانب الجهات الحكومية والمكاتب الاستشارية والهندسية.
لكن أهمية سيتي سكيب تكمن في محتواه النوعي، إذ يقدم المعرض التجاري الضخم والقمم الفكرية المتخصصة التي تبحث في مستقبل المدن المستدامة والتكنولوجيا العقارية والتمويل والاستثمار، ليشكّل مساحة حيوية للتفكير المشترك وصنع القرار في أحد أهم قطاعات الاقتصاد السعودي.
منصة لتجسيد رؤية 2030 على أرض الواقع
منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، شكّل القطاع العقاري والبنية التحتية أحد محاورها الأساسية، سواء عبر تطوير المدن الحالية أو إنشاء مدن جديدة بالكامل مثل نيوم، وذا لاين، والبحر الأحمر، وأمالا، والقدية، ومدينة روشن.
ويأتي معرض سيتي سكيب ليجسّد هذه التحولات من خلال عرض مشاريع حقيقية تمثل الرؤية في شكلها التطبيقي، حيث تُعرض نماذج وتصميمات المدن الجديدة، والمناطق السكنية المستقبلية، ومشاريع الضيافة والسياحة الفاخرة، إلى جانب منصات للشركات السعودية الناشئة في مجال “ProTech” التي توظّف الذكاء الاصطناعي والبيانات في تطوير العقار.
بهذا المعنى، يتحوّل سيتي سكيب من مجرد معرض إلى مختبر حيّ للتنمية الوطنية، يُظهر كيف تتكامل الأفكار المعمارية مع الحلول التقنية والتمويلية لتشكيل نمط جديد من الحياة السعودية الحديثة.
مستقبل الحياة” العنوان الكبير للمعرض"
يحمل سيتي سكيب 2025 شعار “مستقبل الحياة” (The Future of Living)، وهو ليس عنوان دعائي بقدر ما هو فلسفة المعرض هذا العام.
فالمعرض يناقش كيف يمكن للمدن أن تُصمم لتُلائم الإنسان أولاً:
- مدن مستدامة
- مدن ذكية
- مدن خضراء
- مدن متصلة رقمياً.
في “قمة مستقبل الحياة”، سيجتمع قادة عالميون وخبراء في التخطيط الحضري والابتكار الاجتماعي لتبادل التجارب حول التحول الحضري، والتمويل الأخضر، وتصميم المساحات العامة التي تُعزز جودة الحياة.
من الإعمار إلى التقنية: تحوّل شامل في طريقة التفكير
يُخصص المعرض منصات متنوعة مثل منصة التصميم والعمارة (DnA Stage) التي تجمع المطورين والمعماريين والمصممين لعرض أحدث الاتجاهات في العمارة المستدامة،
ومنطقة الابتكار (Innovation Arena) التي تُبرز الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا العقارية (PropTech) وأحدث أدوات الذكاء الاصطناعي في إدارة المشاريع، وتحليل بيانات السوق، وتحسين تجربة المشتري والمستأجر.
هذه المنصات تمثّل التحوّل العميق الذي يشهده القطاع العقاري في السعودية: لم يعد التطوير يعني تشييد الأبنية فقط، بل إعادة تعريف مفهوم المدينة والمعيشة والبيئة الحضرية.
وهذا ما يجعل سيتي سكيب حدث فكري واستراتيجي يُسهم في صياغة المستقبل العمراني للمملكة.
الرياض.. العاصمة التي تعيد تعريف المدن
اختيار الرياض لاستضافة النسخة العالمية من سيتي سكيب للسنة الثانية على التوالي ليس مصادفة.
فالعاصمة السعودية أصبحت اليوم نموذج للتحوّل الحضري الذكي، إذ تشهد طفرة في المشاريع السكنية والبنى التحتية والحدائق الحضرية الكبرى، مثل “الرياض الخضراء” و“بوابة الدرعية” و“المشاريع السكنية العملاقة” التابعة لبرنامج “سكني”.
كل هذه المشاريع تندرج ضمن مساعي الرياض لتكون واحدة من أكثر 10 مدن جاذبية في العالم للعيش والعمل، وهو هدف تسعى إليه رؤية 2030.
يأتي المعرض إذاً كامتداد طبيعي لهذه المسيرة، إذ يُظهر للزوار والمستثمرين كيف تغيّرت المدينة من الداخل، وكيف تتكامل خططها في النقل والطاقة والإسكان والتعليم لتشكّل منظومة عمرانية متكاملة.
فرص استثمارية وشراكات عالمية
يُعد معرض سيتي سكيب 2025 فرصة ذهبية للمستثمرين من داخل المملكة وخارجها للتعرّف على المشاريع القادمة، وتكوين شراكات استراتيجية مع الجهات الحكومية والمطورين الكبار.
فالشركات المحلية مثل روشن، والبحر الأحمر الدولية، ونيوم، والقدية، ومدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) ستكون حاضرة لعرض أحدث تطورات مشاريعها وخططها المستقبلية،
إلى جانب مشاركة شركات استشارية عالمية ومكاتب تصميم كبرى من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يشهد المعرض توقيع مذكرات تفاهم وعقود استثمارية جديدة في مجالات التطوير السكني، والفندقي، والتجاري، بما يعزز الثقة العالمية في البيئة الاستثمارية السعودية التي أصبحت واحدة من الأكثر جذباً في الشرق الأوسط.
أثر واسع للمعرض
إن تأثير سيتي سكيب يمتد إلى مجالات التعليم، والثقافة، والابتكار، والتقنية. فالفعالية تجمع رواد الفكر والتخطيط، ما يتيح تبادل المعرفة وبناء القدرات المحلية. كما يساهم في نشر ثقافة التصميم العمراني المستدام بين الشباب والمهتمين بالتخصصات الهندسية والمعمارية، ويحفّز الجامعات السعودية على تطوير برامجها الأكاديمية بما يتماشى مع التوجهات الجديدة في عالم المدن الذكية. ومن الناحية الإعلامية، يشكّل المعرض فرصة لعرض صورة جديدة عن السعودية، صورة دولة تبني المستقبل بثقة، وتحوّل الصحراء إلى مدن خضراء، والرؤى إلى واقع ملموس.
في النهاية، يمكن القول إن سيتي سكيب الرياض 2025 مرآة تعكس التحوّل الوطني في المملكة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً واستدامة.
فمن خلال المشاريع الكبرى، والتحوّل الرقمي، والاهتمام بجودة الحياة، باتت السعودية تُعيد تعريف مفهوم المدينة العربية الحديثة.
ومعرض سيتي سكيب هو البوابة التي تُطل منها المملكة على العالم لتقول بثقة:
هنا يُصنع مستقبل المدن، وهنا تبدأ حكاية الجيل القادم من العمران.