مبادرة "تطوعك يبني مستقبلك" السعودية
في إطار رؤية 2030، التي وضعت التنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية في صلب أهدافها، أطلقت وزارة البلديات والإسكان مبادرة "تطوعك يبني مستقبلك"، التي تهدف إلى تعزيز ثقافة العمل التطوعي وربطه مباشرة بتحسين البيئة الحضرية، وتطوير الخدمات البلدية، ورفع جودة الحياة للمواطنين والمقيمين على حد سواء. تأتي هذه المبادرة لتؤكد على أن التطوع هو مساهمة فعلية في بناء المستقبل، ووسيلة لتطوير القدرات الفردية والجماعية، وتحفيز روح المسؤولية الوطنية.
أهداف المبادرة
تسعى المبادرة إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية أساسية، من أبرزها:
تعزيز ثقافة العمل التطوعي:
تعتبر وزارة البلديات والإسكان أن مشاركة الأفراد في تحسين البيئة الحضرية تعكس التزامهم تجاه مجتمعهم، وتساعد على نشر الوعي حول أهمية التعاون والتكاتف من أجل رفاهية المجتمع.
تحسين المشهد الحضري:
عبر تشجيع المواطنين والمقيمين على المشاركة في المبادرات التطوعية التي تساهم في تطوير المدن والقرى، بما يشمل الحدائق، والشوارع، والمرافق العامة، وإزالة التشوهات البصرية.
رفع جودة الحياة:
من خلال تقديم خدمات بلدية متميزة تعكس التزام الدولة بتلبية احتياجات المجتمع، وتحسين البنية التحتية والخدمات البيئية والصحية.
تمكين الأفراد:
توفر المبادرة فرص للتدريب وصقل المهارات وتسهم في بناء قدرات الشباب وتنمية مهارات القيادة والعمل الجماعي، وبالتالي إعداد جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
تشجيع الابتكار الاجتماعي:
عبر برامجها النوعية، مثل "هاكاثون التطوع"، الذي يُعد منصة لإطلاق أفكار ومشاريع مبتكرة تعود بالفائدة على المجتمع ككل.
المسارات التطوعية
توفر المبادرة مجموعة متنوعة من المسارات التطوعية، بما يضمن شمولية المشاركة لجميع فئات المجتمع:
- المبادرات البيئية: وتشمل حملات التشجير، وتنظيف الشواطئ، والحدائق العامة، وتحسين المرافق البيئية، بما يساهم في خلق بيئة حضرية نظيفة ومستدامة.
- الرقابة المجتمعية: من خلال المشاركة في رصد التشوهات البصرية، والإبلاغ عن الملاحظات، والمساهمة في تحسين جودة الخدمات العامة، وهذا يعزز الشفافية ويحقق التفاعل الإيجابي بين المجتمع والجهات الحكومية.
- المبادرات الإنسانية والخيرية: مثل دعم الأسر المحتاجة، وتنظيم الفعاليات الخيرية، ومساندة ذوي الاحتياجات الخاصة، وإكرام الموتى، وإظهار قيم التعاون والتكافل المجتمعي.
- البرامج التدريبية والتأهيلية: التي تهدف إلى تطوير مهارات المتطوعين في مجالات مختلفة، مثل المهارات الإدارية، أو الاجتماعية، أو التقنية، بما يرفع من كفاءتهم ويؤهلهم للقيام بدور أكبر في المجتمع.
أثر المبادرة على المجتمع
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن المبادرة قد حققت نجاح ملموس منذ انطلاقتها. حتى نهاية يونيو 2025، بلغ عدد المتطوعين المشاركين في برامج الوزارة أكثر من 171,494 متطوع، توزعت جهودهم بين المجالات الخدمية، والتنموية، والإنسانية، بما شمل الإسكان، والرقابة المجتمعية، والمبادرات البيئية، وغيرها من البرامج الإنسانية.
وقد أثمرت هذه المشاركة في تحسين مستوى الخدمات البلدية، وتعزيز الانتماء الوطني، وإشراك الأفراد في صنع القرار على المستوى المحلي، مما أرسى قاعدة صلبة لمجتمع أكثر وعيًا بمسؤولياته وحقوقه.
البرامج النوعية للمبادرة
تميزت المبادرة بتقديم مجموعة من البرامج النوعية التي تهدف إلى تطوير ثقافة التطوع، وتشجيع المشاركة الفاعلة، ومن أبرزها:
- هاكاثون التطوع: منصة لإطلاق الأفكار المبتكرة والمشاريع الاجتماعية، حيث يتمكن المتطوعون من ابتكار حلول عملية للمشكلات المجتمعية، وتطبيقها على أرض الواقع.
- الجائزة الوطنية للعمل التطوعي: لتكريم المتطوعين المتميزين وتشجيع روح الإبداع والمثابرة في العمل الاجتماعي.
- البرنامج الدولي لتمكين القيادات التطوعية: الذي يسعى إلى إعداد قيادات قادرة على إدارة المبادرات المجتمعية بفعالية، ونقل الخبرات العالمية إلى مستوى محلي.
الفئات المستهدفة
تستهدف المبادرة جميع الفئات العمرية من 18 عام فأكثر، مع التركيز على الشباب باعتبارهم المحرك الرئيس لأي عملية تنموية. كما تسعى إلى ضمان شمولية الفرص التطوعية لجميع شرائح المجتمع، بما في ذلك النساء، وأصحاب الهمم، والمقيمين، لتعزيز روح المواطنة والتعاون الاجتماعي.
التسجيل والمشاركة
للانضمام إلى المبادرة والمشاركة في برامجها، يمكن زيارة منصة بلدي الإلكترونية، حيث يتمكن الأفراد من:
- الاطلاع على الفرص التطوعية المتاحة.
- التسجيل في البرامج والمسارات التي تتوافق مع مهاراتهم واهتماماتهم.
- متابعة الأنشطة التطوعية والتقارير المتعلقة بها.
منصة بلدي
تجربة واقعية للمتطوعين
أثبتت المبادرة نجاحها في إحداث تأثير ملموس على حياة المتطوعين أنفسهم، إذ يشعر المشاركون بالرضا النفسي والفخر لما يقدمونه من خدمة لمجتمعهم. كما أن التجربة التطوعية توفر للمتطوعين فرصًا لتوسيع شبكة علاقاتهم، واكتساب مهارات قيادية، وتجربة العمل ضمن فريق، وهي خبرات تفيدهم في حياتهم المهنية والشخصية.
التحديات وآفاق التطوير
رغم النجاحات الكبيرة، تواجه المبادرة بعض التحديات، مثل ضمان استمرار المشاركة، وتحفيز الأفراد على الالتزام، ومواكبة احتياجات المجتمع المتغيرة. وللتغلب على هذه التحديات، تعمل الوزارة على تطوير برامج تواصل مبتكرة، واستخدام التكنولوجيا الرقمية لتسهيل الوصول إلى المبادرات، وتحفيز روح التنافس الإيجابي بين المتطوعين.
تمثل مبادرة "تطوعك يبني مستقبلك" نموذج رائد للعمل التطوعي في المملكة العربية السعودية، إذ تجمع بين التنمية المجتمعية، وتمكين الأفراد، وتحسين جودة الحياة، ضمن رؤية واضحة نحو مستقبل مستدام.
إن الانضمام إلى هذه المبادرة يعني أن تكون جزء من رؤية أكبر لبناء وطن متكاتف، يقدّر العمل التطوعي، ويضع المجتمع في قلب التنمية. إنها دعوة لكل مواطن ومقيم للمساهمة بوقته وجهده في خدمة وطنه، والمشاركة في صياغة المستقبل الذي يطمح إليه الجميع.