السرعة، الأسلوب، والأصالة: سيارات كلاسيكية خارقة تخطف الأنظار في ميلانو
السرعة والقوة والمكانة والتفرّد، أربع سمات تجتمع في نخبة من أسرع السيارات في العالم. هذه التحف الميكانيكية الفاخرة هي أيقونات تجسّد قوة الأداء وروعة التصميم ودقة الهندسة، وتفخر بجرأتها وتميزها بلا حدود. لكل واحدة منها حكاية، قد تكون عن أمجاد السباقات، أو ارتباط بالملوك والشخصيات الرفيعة، أو ببساطة عن جمال يأسرك من النظرة الأولى، ولا تزال تبهر عشاق السيارات وكل من يهوى القيادة حول العالم.
وفي هذا المقال، نسلط الضوء على مجموعة من أسرع السيارات الكلاسيكية التي احتلت الصدارة في مزاد "آر إم سوثبيز" المرموق بمدينة ميلانو خلال شهر مايو الماضي.
تشكيلة مبهرة
بمجموعة استثنائية من السيارات، كشف مزاد ميلانو عن طرازات مميّزة بعراقتها وحضورها اللافت، وتتفوّق في كل جانب من جوانب تجربة القيادة.
وعلى غير عادتها كمسرح لعروض الأزياء العالمية مثل فالنتينو و غوتشي، استقبلت ميلانو في مايو الماضي عرض من نوع آخر، عرض صاحبه هدير السرعة وروعة الأداء، في احتفاء بمكانة هذه السيارات المرموقة في عالم المحركات.
لامبورغيني ميورا P400 اس ڤي موديل 1971 من بيرتوني
عُرضت للبيع بدون حد أدنى للسعر، تُعد لامبورغيني "ميورا P400 اس ڤي" واحدة من أرقى النسخ المنتجة، إذ لم يُصنع منها سوى 150 سيارة فقط. تأتي هذه النسخة بألوان المصنع الأصلية: "روسو كورسا" الأحمر من الخارج و"بلو" أزرق للمقصورة الداخلية. ما زالت تحتفظ بمحركها الأصلي المطابق للأرقام، وهو محرك V12 سعة 3.9 لتر بتصميم عرضي، وقد حازت جائزة "أفضل لامبورغيني" في احتفالية الذكرى الخمسين لميورا ضمن مهرجان المسابقة الإيطالية. ويعد هذا التتويج شهادة على جودتها الفائقة، خاصة وأنها خضعت لعملية ترميم شاملة لتتفوق على منافساتها.
السيارة المعروضة في مزاد ميلانو تأتي مع كتبها الأصلية، وعلبة أدوات الصيانة وعجلة احتياطية وحقائب سفر مصممة خصيصاً لها، وتجاوز سعرها 3,200,000 يورو.
قبل ظهور لامبورغيني ميورا، كانت AC كوبرا 427 هي الأسرع في العالم، لكن ميورا غيّرت المعادلة تماماً، إذ جمعت بين السرعة والجمال المستقبلي، واضعة معيار جديد لمفهوم "السيارة السوبر". تاريخ هذه النسخة بالتحديد غير موثّق بالكامل، لكن أول ظهور لها كان في كاليفورنيا خلال ثمانينيات القرن الماضي. وبحلول التسعينيات، عادت إلى أوروبا، وفي عام 2003 اقتنتها مجموعة متحف خاص في البرتغال.
في عام 2012، بيعت من جديد وانتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث خضعت لعملية ترميم دقيقة شملت طلاءَها مجدداً باللون الأحمر "روسو كورسا"، وإعادة تنجيد مقصورتها الداخلية بجلد أزرق "بلو" باستخدام المواد الأصلية، بالإضافة إلى صيانة ميكانيكية كبيرة شملت إعادة بناء نظام الفرامل والتعليق الأمامي وأجهزة القياس. كما تم إصلاح شامل لنظام الهيدروليك وتزويدها بخزان وقود من الألومنيوم.
الآن، وهي معروضة بألوانها الأصلية، تُعد هذه النسخة النادرة المزوّدة بنظام تكييف وتصميم فريد وهي واحدة من أكثر سيارات ميورا المرغوبة على الإطلاق.
فيراري F40 موديل 1989
تُعرف بأنها آخر تصميم صادق عليه الأسطورة إنزو فيراري بنفسه، وقد حصلت هذه السيارة على شهادة فيراري كلاسيك في أبريل 2022. اكتمل تصنيع هذه النسخة في 27 يوليو 1989 وفق المواصفات الأوروبية، بنسخة غير قابلة للتعديل، أي بدون محول وبدون نظام تعليق قابل للضبط. تأتي السيارة مع "الكتاب الأحمر" الشهير الخاص بفيراري، ويشير عداد المسافة إلى استخدامها المحدود في سنواتها الأولى، حيث سجّل 17,300 كيلومتر فقط عند إعداد الكتالوج.
وصلت السيارة إلى المملكة المتحدة عام 1997، وبقيت هناك أكثر من عشرين عام، قبل أن تعود إلى موطنها في إيطاليا عام 2021 لإجراء عملية ترميم شاملة نُفذت على بُعد خطوات من مصنع فيراري نفسه.
تُعرض هذه النسخة مع نظام العادم والأحزمة الأصلية (مع تركيب نظام عادم مطور مستوحى من طراز "توبي")، وعلبة أدوات الصيانة، ومجموعة إصلاح الإطارات من شركة إجيب، وملف تاريخي مفصل أعدّه الخبير المعروف مارسيل ماسيني. وقد تولّى صيانتها في السابق كل من الوكيل المعتمد لفيراري في مدينة مودينا الإيطالية، وشركة متخصصة في المملكة المتحدة.
بسعر يبلغ حوالي 2,800,000 يورو، تمثل F40 رمز للإرث والقوة، وتُعد من أنقى وأشهر تصاميم فيراري على الإطلاق، وواحدة من أيقونات أي مجموعة سيارات فاخرة مختارة بعناية.
مرسيدس بنز 300 إس إل جول وينج موديل 1956
معروضة من ضمن مجموعة خاصة مرموقة، تعد مرسيدس-بنز إس إل 300 جول وينج 1956 واحدة من أبرز أيقونات السيارات في القرن العشرين. حققت سعر حوالي 2,100,000 يورو، وقد بقيت في حيازة مالك واحد منذ عام 1988.
تحت غطاء المحرك، نجد محرك مطور بالمواصفات الرياضية الخاصة، مع عجلات رودج القابلة للفك من المنتصف وهي النادرة المطلوبة بشدة. كما تحتفظ السيارة بمطابقة أرقام الهيكل والشاسيه والمحرك، وهو أمر أصبح نادر الوجود. وقد خضعت لعملية ترميم شاملة ودقيقة ترميم شاملة ومفصلة من الألف إلى الياء، نفذتها شركة سكوت جروندفور، وتُعرض في المزاد مع نسخة من بطاقة البيانات الأصلية الخاصة بمرسيدس-بنز.
تعود أصول 300 إس إل إلى سيارة السباق المنتصرة لمرسيدس عام 1952، التي حققت المجد في لومان، وكاريرا بان أمريكانا، نوربورغرينغ. ويظل هيكلها الخفيف المصنوع بتقنية الإطار الفضائي وأبوابها التي تفتح للأعلى على شكل “أجنحة النورس” من رموز الهندسة الميكانيكية الخالدة. وقدرتها على بلوغ سرعة 260 كم/س، ما زالت هذه التحفة الانسيابية تخطف الأنفاس اليوم كما كانت تفعل في الماضي، لتبقى رمز خالد لأداء منتصف القرن العشرين وروعة تصميمه.
بورش 959 "سبيدستر" موديل 1987
تُعد بورش 959 "سبيدستر" لعام 1987 تحفة فريدة من نوعها من ابتكار كارل هاينز فوستل. خرجت السيارة من مصنع شتوتغارت في 6 تشرين الثاني 1987 كنسخة 959، بطلاء فضي معدني لامع، ومقصورة داخلية أنيقة من الجلد بلونين مميزين: البيج الكشميري والأسود.
حصلت السيارة على تعديل "سبيدستر" المميز على يد فوستل، وظهرت لأول مرة أمام الجمهور على منصة أوتو بيكر في معرض فرانكفورت الدولي للسيارات عام 1989، ثم في معرض إيسن للسيارات في العام نفسه. وبسعر بيع بلغ آنذاك مليون ومئتي ألف دولار، تشير التقارير إلى أن المالك الأول لها كان يورغن لاسيج، الفائز بسباق 24 ساعة دايتونا والوصيف في لومان.
ومنذ عام 2008، أصبحت هذه السيارة جزء من مجموعة المالك الحالي، وقد خضعت لصيانة شاملة في آذار 2025 على أيدي خبراء بورش أيه دي آر موتورسبورت. وتشمل عملية البيع سقف صلب مطابق اللون داخل صندوق نقل مخصص، وغطاء صندوق خلفي منخفض، وزجاج أمامي احتياطي و مرآتين احتياطيتين خاصتين بنسخة "سبيدستر"، إضافة إلى كتيبات المالك الأصلية.
بوصفها النسخة الوحيدة من نوعها في العالم، تُعد بورش 959 سبيدستر فرصة نادرة لامتلاك قطعة فريدة من تاريخ السيارات، وكان يُتوقع أن تُباع بسعر يقارب مليون وخمسمائة ألف يورو.
جاكوار اكس جي 220 موديل 1994
وفق شهادة مؤسسة تراث جاكوار دايملر، فإن السيارة ذات رقم الهيكل 220773 خرجت من المصنع في حزيران 1993، بطلاء أزرق لامع باسم لو مان ومقصورة داخلية من الجلد الرمادي الدخاني. تعرض هذه السيارة بحالة مثالية ويُقدّر أن تحقق سعر يقارب 450,000 يورو، وهي تحفة تجسد روعة الهندسة البريطانية.
في عامي 2015 و 2016، خضعت السيارة لعملية تجديد ميكانيكي مهمة شملت إعادة بناء جزئية لمحركها V6 سعة 3.5 لتر المزود بشاحنين توربينيين، إضافة إلى فحص دقيق لنظام المكابح والقابض والتوجيه. كما تم تركيب خزان وقود جديد وإعادة تنجيد مقعد السائق.
وفي عام 2018، حظيت السيارة برعاية خاصة تمثلت في إعادة بناء كاملة للمحرك وفق مواصفات المصنع الأصلية. ومن المهم الإشارة إلى أن السيارة ما زالت تحتفظ بمحركها الأصلي المطابق للأرقام، وقد تمت صيانتها بعناية فائقة على مدى العقد الماضي.
وفي عام 2020، قامت ورشة أوتوهاوس كونراد شميت بتركيب كاتم صوت مخصص وإصلاح نظام التكييف، بعد ذلك صيانة كبرى أخرى في نيسان 2024 شملت تركيب قابض جديد واستبدال الأحزمة المطاطية.
تجسد هذه السيارات مزيج فريد من القوة والرقي والتميّز الخالص، فهي لا تضاهى في أدائها، ومتفرّدة في جمالياتها، لتصنع لنفسها مكانة خاصة ومستحقة في عالم السيارات. النماذج المعروضة في مزاد ميلانو المرتقب تحمل كل سمات الإبهار والجاذبية، ما يجعلها أسماء لامعة وأحلام يتطلع إليها جامعو السيارات وعشاق المحركات في كل مكان.