الهوية الرقمية للمواطن السعودي

 

تبرز الهوية الرقمية كأبرز مظهر من مظاهر التطور في المملكة العربية السعودية وخطوة رئيسية نحو التوجه لأتمتة الخدمات الحكومية بشكل كامل، وذلك في ظل سعي المملكة إلى تحقيق التحول الرقمي بهدف تسهيل الخدمات وتقليل الروتين والبيروقراطية، هذا بدوره سيسهم في تحسين جودة حياة المواطن السعودي وتعزيز الكفاءات الحكومية وتطويرها لتحقيق رؤية 2030 التي تسعى فيها المملكة إلى إحداث تغيير جذري في القطاع الخدمي ودعمه وتطويره. 

 

 

الهوية الرقمية السعودية

النسخة الإلكترونية الرسمية للهوية الوطنية السعودية الخاصة بمواطنين المملكة، حيث يتم إصدار الهوية الرقمية السعودية من قبل وزارة الداخلية قسم وكالة الأحوال المدنية، وذلك بالتعاون مع الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي والبيانات والتي تعرف بـ سدايا، يمكن تفعيل الهوية الرقمية وعرضها في تطبيقات مثل أبشر وتوكلنا، ونرى أن الهوية الرقمية أصبحت بديل رقمي آمن عن البطاقة العادية.

 

كيف تعمل الهوية الرقمية؟

تعمل الهوية الرقمية عن طريق تقنيات حديثة ومتطورة تعتمد على الرموز المشفرة والتحقق الفوري عن طريق رمز الاستجابة السريع الذي يتيح التحقق من هوية الشخص في ثوانٍ معدودة، وتعمل الهوية الرقمية بالتكامل مع منصة نفاذ الوطنية التي تتيح تسجيل الدخول إلى الخدمات الحكومية لتحقيق التجربة الرقمية الكاملة التي توفر المرونة والسهولة في المعاملات الحكومية.

يقف وراء نجاح هذه المنظومة تعاون ثلاثي بين سدايا ووزارة الداخلية والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، التي تعمل على تكامل الجهود لتحقيق أفضل جودة تقنية وأمنية وإدارية، كما تتولى وزارة الداخلية مسؤولية إصدار هذه الهوية الرقمية، أما سدايا فتعمل على تطوير البنية التحتية الرقمية وتضمن هيئة الأمن السيبراني حماية البيانات الخاصة بالمواطنين من أي عملية اختراق أو استغلال.

 

المزايا العملية للهوية الرقمية

قدمت الهوية الرقمية مزايا عديدة من أهمها تسهيل إنجاز المعاملات الحكومية بشكل الكتروني دون الحاجة إلى الذهاب إلى مراكز الخدمة والتقليل من الورقيات، حيث أصبح من الممكن فتح حساب بنكي أو إجراء توقيع رقمي عن طريق الهوية الرقمية، إضافة إلى إثبات الهوية في المطار والمستشفيات، كما أن استخدامها كثر في الحياة اليومية مثل عمليات الدفع الإلكتروني واستلام الطلبات والطرود.

ولا تقتصر أهميتها على السرعة والراحة فحسب، بل تمتد إلى تعزيز الأمان الرقمي، حيث تُصمّم الهوية ضمن معايير صارمة تضمن خصوصية المستخدم وتمنع محاولات التزوير أو التحايل.

 

دور الهوية الرقمية في رؤية 2030

تمثل الهوية الرقمية واحدة من الأدوات الجوهرية لتحقيق التحول الرقمي المنشود في السعودية. فالرؤية التي وضعتها القيادة السعودية تقوم على تعزيز بنية تحتية ذكية وتسهيل وصول المواطن إلى الخدمات الحكومية والخاصة بجودة وكفاءة عالية. وفي هذا السياق، تعد الهوية الرقمية المفتاح الرئيس للدخول إلى معظم المنصات الإلكترونية التي تقدم هذه الخدمات، بدءاً من التعليم والرعاية الصحية، وحتى التجارة الإلكترونية والعقود الحكومية.

من خلال هذه الهوية، أصبح من الممكن للمواطن أن يتفاعل مع الجهات الرسمية بسهولة، كما أصبحت المؤسسات قادرة على تقديم خدماتها بسرعة دون الحاجة إلى مراجعة تقليدية أو مستندات مطبوعة، وهذا يسهم في خفض التكاليف وتوفير الوقت والحد من البيروقراطية.

 

التحديات والاعتبارات الأمنية

رغم النجاحات التي حققتها الهوية الرقمية، إلا أن التحديات لا تزال حاضرة، خاصة المتعلقة بأمن المعلومات وخصوصية المستخدمين. في بيئة رقمية متغيرة باستمرار، يصبح من الضروري تحديث الأنظمة بشكل دوري، وتوعية المواطنين حول كيفية استخدام الهوية الرقمية بأمان. فالاحتيال الإلكتروني والتصيد ما زالا يشكلان تهديد يجب التعامل معه بجدية من خلال حملات توعية شاملة وتطوير متواصل للأنظمة الأمنية.

 

آفاق مستقبلية

النظرة المستقبلية للهوية الرقمية تحمل الكثير من الإمكانيات. فمع تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات التحقق البيومتري، قد تصبح الهوية الرقمية أكثر شمولية، بحيث لا تقتصر على إثبات الشخصية بل تشمل الملف الصحي والسجل التعليمي والبيانات المالية للمواطن لتقديم خدمات استباقية تلبي احتياجات الفرد قبل أن يطلبها.

كما يُتوقع أن يتم دمج الهوية الرقمية مع حلول الدفع الذكية وتطبيقات المدن الذكية وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، بهدف تعزيز تجربة المواطن وجعل الحياة اليومية أكثر سلاسة وتنظيم. وهذا الانفتاح على التكنولوجيا لن يكون فعال دون الحفاظ على التوازن بين الابتكار والخصوصية، وهو ما تحرص عليه السعودية من خلال منظومتها القانونية والتنظيمية المتطورة في مجال الأمن السيبراني وحوكمة البيانات.

 

الهوية الرقمية للمواطن السعودي هي انعكاس لرؤية وطنية شاملة تؤمن بأهمية التحول الرقمي لبناء دولة عصرية تتفاعل بكفاءة مع مواطنيها. إن نجاح هذه الهوية  يُقاس بمدى تأثيرها في تحسين جودة الحياة وتسهيل التعاملات اليومية للمواطن، ورفع كفاءة المؤسسات الحكومية والخاصة. ومع استمرار المملكة في تطوير بنيتها التحتية الرقمية، فإن الهوية الرقمية ستكون أحد أعمدة المستقبل الذكي الذي تنشده السعودية في العقد القادم.