مساهمات السعودية في العمل الإغاثي والدعم الدولي
منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، دأبت المملكة العربية السعودية على تقديم المساعدات الإنمائية والإنسانية للبلدان المحتاجة والمنكوبة حول العالم. تشمل هذه المساعدات المشاريع الإنسانية والتنموية والخيرية، بالإضافة إلى الإسهامات الكبيرة في دعم المنظمات والهيئات الدولية. ولتعزيز دورها في هذا المجال، أنشأت السعودية العديد من المبادرات والهيئات التي تعمل على تنسيق الجهود وتوسيع نطاق الدعم، ومن أبرزها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والصندوق السعودي للتنمية.
مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية
أنشأت المملكة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في عام 1436هـ (2015م)، ليكون جهة دولية متخصصة في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية. تأسس المركز برأسمال قدره مليار ريال سعودي، بهدف توفير الإغاثة للمنكوبين والمحتاجين في مختلف دول العالم. يعمل المركز على آليات دقيقة لرصد الاحتياجات وتنفيذ مشاريع الإغاثة بطريقة سريعة وفعالة.
كما يعتمد المركز في تنفيذ مشاريعه على التعاون مع منظمات الأمم المتحدة والمنظمات غير الربحية الدولية والمحلية في الدول المستفيدة. تتنوع مشروعات المركز وبرامجه لتلبية احتياجات الفئات المستهدفة، وتشمل قطاعات متعددة مثل الغذاء، الصحة، التعليم، الإيواء، والمياه والإصحاح البيئي.
نفّذ المركز العديد من البرامج والمبادرات التي أسهمت في إيصال المساعدات إلى ملايين الأشخاص حول العالم. ومن بين المبادرات التي أطلقها المركز:
- البوابة السعودية للتطوع الخارجي: تتيح للأفراد الراغبين في العمل التطوعي فرصة التسجيل للمشاركة في المشاريع الإنسانية والإغاثية.
- منصة ساهم: توفر المنصة الإلكترونية فرصة للمتبرعين لدعم برامج المركز عبر الإنترنت، باستخدام وسائل دفع إلكترونية ميسرة، كما تتيح لهم متابعة أثر تبرعاتهم من خلال حسابات شخصية.
- مشروع ملاذ: يهدف هذا المشروع إلى إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالنزاعات المسلحة في اليمن، من خلال دمجهم بالمجتمع، وإلحاقهم بالتعليم، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم ولأسرهم.
- برنامج الأطراف الصناعية: يُعنى هذا البرنامج بدعم مراكز الأطراف الصناعية التي تقدم خدماتها مجانًا لضحايا الألغام في اليمن، بهدف تأهيلهم وتمكينهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية.
- مشروع مسام: تم إطلاق المشروع في عام 1439هـ (2018م)، وهو مخصص لإزالة الألغام في اليمن بهدف حماية المدنيين وتعزيز الأمن في المناطق المتأثرة.
أثر مساعدات مركز الملك سلمان حول العالم
استفاد من مساعدات المركز أكثر من 105 دول حول العالم. حتى عام 2024م، بلغ عدد المشاريع التي نفّذها المركز نحو 3116 مشروع، بتكلفة إجمالية تجاوزت 7.1 مليارات دولار. تنوعت المشاريع لتشمل قطاعات عديدة:
- الأمن الغذائي: تم تنفيذ 906 مشاريع بتكلفة ملياري دولار، حيث استفادت اليمن بأكبر حصة منها.
- الصحة: تضمنت 1275 مشروع بقيمة 1.4 مليار دولار.
- الإيواء والمواد غير الغذائية: شملت 243 مشروع بتكلفة 619 مليون دولار.
- المياه والإصحاح البيئي: بلغت 102 مشروع بتكلفة 300 مليون دولار.
- التعليم: تم تنفيذ 135 مشروع بتكلفة 235 مليون دولار.
البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن
أُنشئ البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في عام 2018 بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. يهدف البرنامج إلى دعم التنمية المستدامة في اليمن من خلال مشاريع تشمل تحسين البنية التحتية، رفع مستوى الخدمات الأساسية، توفير فرص عمل، وتنمية قدرات المؤسسات الحكومية.
حتى عام 2024م، نفذ البرنامج نحو 247 مشروع في مختلف القطاعات التنموية، بتكلفة تجاوزت مليار دولار. تضمنت المشاريع قطاعات متعددة، مثل التعليم، الصحة، الزراعة، الطاقة، والنقل، وساهمت في تحسين حياة الشعب اليمني.
مساعدة اللاجئين داخل السعودية
تقدم السعودية دعم شامل للاجئين داخل أراضيها من ثلاث جنسيات رئيسية: اليمنية، السورية، و الروهنجية. بلغ إجمالي المساعدات المقدمة للاجئين داخل المملكة 19 مليار دولار، تشمل خدمات مثل التعليم، العلاج المجاني، والإقامة.
يحظى اللاجئون في المملكة بفرصة الاندماج في المجتمع السعودي، مع توفير فرص العمل والتعليم في المدارس الحكومية. تُظهر هذه الجهود التزام السعودية بتوفير حياة كريمة للاجئين، بغض النظر عن عرقهم أو ديانتهم.
المجلة الدولية للدراسات الإنسانية
تُعد المجلة الدولية للدراسات الإنسانية إحدى مبادرات مركز الملك سلمان للإغاثة، حيث تهدف إلى إثراء المحتوى العلمي في مجال العمل الإنساني والإغاثي. تصدر المجلة بشكل نصف سنوي، بالتعاون مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وتنشر أبحاثًا أكاديمية ودراسات ميدانية تسلط الضوء على أفضل الممارسات في العمل الإنساني.
تستهدف المجلة الأكاديميين والممارسين في مجال الإغاثة، وتسعى إلى تطوير هذا المجال من خلال دعم البحث العلمي، مما ينعكس إيجابياً على جودة الخدمات المقدمة للاجئين حول العالم.
دور السعودية في دعم أزمات اللاجئين عالمي
تلعب السعودية دور محوري في دعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من خلال التبرعات وتنفيذ مشاريع إغاثية في مختلف دول العالم. تشمل هذه الجهود تقديم المساعدات الإنسانية والطبية والتعليمية، إضافة إلى توفير الإيواء والغذاء للنازحين واللاجئين.
تتعامل السعودية مع قضايا اللاجئين من منطلق إنساني بحت، دون تمييز بناءً على العرق أو الدين أو الانتماء السياسي. تعمل المملكة على ضمان حصول اللاجئين على حياة كريمة تشمل الاحتياجات الأساسية، مما يعكس التزامها الراسخ بالعمل الإنساني.
تمثل المساعدات الإنمائية والإنسانية السعودية نموذج عالمي يحتذى به في مجال الإغاثة والعمل الخيري. من خلال مبادراتها ومشاريعها المتنوعة، تسعى المملكة إلى بناء جسور الأمل وتعزيز التنمية المستدامة في المناطق المتضررة. تعد هذه الجهود انعكاس لرؤية المملكة الإنسانية، التي تضع الإنسان في صلب أولوياتها.