مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي هو مهرجان سنوي يقام في المنطقة التاريخية بجدة، في المملكة العربية السعودية. يشكل هذا المهرجان ملتقى هامًا لعشاق السينما وصانعيها من مختلف أنحاء العالم، حيث يقدم مجموعة متنوعة من الأفلام التي تمثل الإنتاجات السينمائية الحديثة والتجريبية، ويشمل أعمالاً سعودية ودولية، مما يعكس رغبة المملكة في دعم الفن السابع وتعزيز الحوار الثقافي العالمي. وجاء تأسيس هذا المهرجان كجزء من مبادرات وزارة الثقافة السعودية التي أُطلقت في عام 2019، والتي تهدف إلى إحداث طفرة في المجالات الثقافية والفنية بالمملكة، مما يعزز التواجد السعودي على خريطة الفعاليات العالمية ويعزز من مكانتها كمركز إقليمي للسينما.
إشراف مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي
يشرف على تنظيم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي "مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي"، وهي مؤسسة أسستها وزارة الثقافة السعودية بهدف تنمية صناعة السينما المحلية وتطويرها. تنفذ هذه المؤسسة مهام متعددة تسهم في رفع مستوى الصناعة السينمائية السعودية، وذلك عبر مجالات الإنتاج والتوزيع والتدريب والتعليم. ومن ضمن المبادرات التي تقدمها المؤسسة يأتي المهرجان نفسه، والذي يُعدّ من أبرز فعالياتها، إلى جانب "معمل أفلام البحر الأحمر" الذي يُعدّ مختبر مستدام يُعنى بتطوير المشاريع السينمائية طوال العام، ويتيح لصناع الأفلام السعوديين والعالميين بيئة حاضنة لمشاريعهم.
كما تقدم المؤسسة مبادرات أخرى تهدف لدعم قطاع صناعة الأفلام، منها برامج تهتم بتعليم المهارات السينمائية وتوفير بيئة للتعاون بين المحترفين والموهوبين في هذا المجال. تسعى هذه المبادرات إلى تحقيق تحول إيجابي في المشهد السينمائي السعودي، وهذا يسهم في إثراء محتوى الأفلام وتنوعها وإبراز المواهب المحلية في الساحة السينمائية الدولية.
أقسام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
يضم المهرجان مجموعة متنوعة من الأقسام السينمائية، تصل إلى 11 قسم، تتنوع بين العروض السينمائية والتلفزيونية والتفاعلية من أنحاء العالم والعالم العربي. توفر هذه الأقسام منصة لمختلف أنواع الأفلام، سواء كانت روائية، وثائقية، قصيرة، أو تجريبية. وتعتبر هذه الأقسام بمثابة نافذة تتيح لجمهور المهرجان استكشاف الأنماط المختلفة للفن السينمائي، وفتح آفاق جديدة في صناعة الأفلام.
تشمل الأقسام الرئيسية في المهرجان:
- مسابقة البحر الأحمر: تتضمن هذه المسابقة عروض لأفلام روائية ووثائقية وأفلام التحريك، وتعد منصة تنافسية لأهم الأعمال السينمائية
- مسابقة البحر الأحمر للفيلم القصير: مخصصة للأفلام القصيرة التي لا تتجاوز مدتها 60 دقيقة، مما يسمح بعرض الأعمال القصيرة والمبدعة التي تروي قصص مكثفة
- سينما السعودية الجديدة: تسلط هذه الفئة الضوء على الأفلام السعودية الروائية والوثائقية الجديدة، وتعرض أعمال المبدعين السعوديين وروّاد السينما المحلية، وهذا يعكس النهضة السينمائية التي تشهدها المملكة
- روائع العالم: يضم هذا القسم أفلام من أهم المخرجين في العالم، ويُعرض العديد منها للمرة الأولى في المنطقة العربية، حيث يتيح فرصة لعشاق السينما للاطلاع على إبداعات عالمية فريدة
- روائع عربية: يعرض هذا القسم أحدث الأفلام العربية المستقلة والتجارية، كما يثري البرنامج بتنوع إقليمي مميز يعكس مشاهد وتوجهات السينما العربية
إلى جانب الأقسام الرئيسية، يقدم المهرجان برامج أخرى مثل "مسلسلات البحر الأحمر" التي تقدم إنتاجات درامية، و"رؤى البحر الأحمر" التي تتيح عرض أفلام تفاعلية وتجريبية، و"السينما العائلية" و"كنوز البحر الأحمر" التي تستعرض أفلام ذات طابع تاريخي أو ثقافي.
دورات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي
بدأ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي أولى دوراته في عام 2020، وتميزت هذه الدورة الأولى بعرض 138 فيلم طويل وقصير من 67 دولة وبـ34 لغة مختلفة، حيث أظهر المهرجان تنوع كبير في المحتوى. كما تمثلت الدورة الأولى في تقديم 38 مخرجة سينمائية، وهو ما يعكس التزام المهرجان بتعزيز مشاركة المرأة في مجال صناعة الأفلام. وقد شملت الأفلام المعروضة 27 فيلم سعودي جديد، وعرض المخرجون السعوديون أعمالهم وقدّموا رؤاهم للجمهور العالمي والمحلي.
واستقطبت هذه الدورة الأولى للمهرجان حوالي 30 ألف مشاهد، وشارك فيها أكثر من 3,100 من المحترفين في صناعة السينما والإعلاميين، مما أضاف بعد جديد لتطوير السينما في المملكة. وقد ساعد هذا الحدث في تحقيق اهتمام عالمي ملحوظ وساهم في تعزيز مكانة السعودية كمحور رئيسي للثقافة والسينما في المنطقة.
أما الدورة الثانية من المهرجان، التي أقيمت في عام 2022، فقد شهدت نجاح أكبر من سابقتها. عُرض في هذه الدورة 143 فيلم من 66 دولة، زادوا من تنوع العروض وإثرائها. كما حضر الفعاليات حوالي 39,410 زائرين من عشاق الأفلام، بالإضافة إلى 4,345 من المتخصصين في مجال صناعة السينما. وقد ساهمت الدورة الثانية في تعزيز مكانة المهرجان ورفع مستوى التوقعات لدورات المهرجان المقبلة، كما ساعدت على خلق بيئة تفاعلية بين صناع الأفلام والجمهور.
أهداف المهرجان وأثره على السينما السعودية
يهدف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي من شأنها تعزيز قطاع السينما في المملكة العربية السعودية وتطويره، حيث يسعى المهرجان إلى توفير بيئة فنية حاضنة للمواهب، وتسليط الضوء على القصص المحلية، وفتح آفاق جديدة للتعبير السينمائي. يسهم المهرجان في دعم المشاريع السينمائية السعودية من خلال توفير منصات تمكّن صانعي الأفلام من عرض أعمالهم، وتوفير فرص للتدريب والتعليم عبر مبادرات متنوعة.
من خلال مبادرات مثل "معمل أفلام البحر الأحمر" يسعى المهرجان لتطوير القدرات المحلية في مجال صناعة الأفلام، ويتيح للمواهب السعودية الاستفادة من فرص التدريب والتعلم على أيدي خبراء دوليين. يعتبر هذا المعمل مركز مهم لتطوير الأفكار والمشاريع السينمائية، حيث يقدم الدعم اللازم لصناع الأفلام في مراحل الإنتاج كافة، بدءًا من الفكرة والتطوير وصولاً إلى التوزيع.
من المتوقع أن يستمر مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في تقديم المزيد من الدعم للسينما السعودية، وأن يكون محطة أساسية للترويج للأفلام السعودية على الساحة العالمية. كما يسعى المهرجان إلى تعزيز التواصل الثقافي وتقديم منصة للتبادل المعرفي بين صناع الأفلام من مختلف البلدان. ومع استمرارية المهرجان ودعمه للمواهب المحلية والدولية، يبدو أن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي سيكون له دور محوري في تغيير مشهد السينما في السعودية، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة دولية للفن السابع.