أوكساجون .. مدينة عائمة ذات دور اقتصادي عالمي

 

أوكساجون، المعروفة أيضاً بمدينة نيوم الصناعية، ليست مجرد مشروع صناعي تقليدي؛ بل هي نموذج فريد من نوعه يعكس رؤية المملكة العربية السعودية نحو التحول الصناعي المستدام. تم الإعلان عن هذا المشروع الرائد في 16 نوفمبر 2021م، وذلك ضمن رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. تحمل أوكساجون في طياتها إمكانيات هائلة لإعادة تشكيل مشهد التصنيع العالمي، حيث تمثل أكبر هيكل صناعي عائم في العالم، وتجمع بين الاستدامة والابتكار في عالم الأعمال.

 

 

أهداف أوكساجون: صناعة المستقبل

تسعى أوكساجون لتقديم نموذج متكامل لمراكز التصنيع المستقبلية، وذلك ضمن مخطط نيوم الطموح لإعادة تعريف الطرق التي تعيش وتعمل بها البشرية. ترتكز رؤية أوكساجون على تطوير مدينة متكاملة قائمة على الاستدامة والابتكار الصناعي، بهدف تحقيق تنمية اقتصادية متوازنة تعزز من مكانة المملكة في السوق العالمية.

يشير الأمير محمد بن سلمان إلى أن أوكساجون ستلعب دور محوري في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، حيث تسهم في تنويع الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على النفط. كما تساهم أوكساجون في دعم الابتكار الصناعي وتحقيق النمو المستدام، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة ومواكبة التطورات العالمية.

 

الموقع الاستراتيجي لأوكساجون: قلب التجارة العالمية

تقع أوكساجون في الركن الجنوبي الغربي من نيوم على البحر الأحمر، وهي تمتد بمحاذاة قناة السويس، أحد أهم الممرات المائية في العالم، حيث يمر عبرها حوالي 13% من حجم التجارة العالمية. هذا الموقع يجعل من أوكساجون مركز لوجستي عالمي ومتقدم، حيث يضم أحدث ميناء مؤتمت بالكامل يُعدّ من بين الأكثر تقدم من الناحية التقنية.

تساهم هذه المدينة في تعزيز تدفقات التجارة الإقليمية والدولية، وهي محور للتجارة العالمية ومركز للابتكار في مجال الخدمات اللوجستية. وفي إطار خطة التنمية المستقبلية، من المتوقع أن تضم المدينة أكثر من 100 منشأة صناعية وحضرية، مما يعزز استخدامها الأمثل للأراضي الساحلية ويوفر بيئة جاذبة للاستثمار.

 

أوكساجون والاقتصاد الأزرق: الابتكار في التنمية البحرية

واحدة من أبرز سمات أوكساجون هي تركيزها على الاقتصاد الأزرق، وهو مفهوم يعتمد على الاستفادة من الموارد البحرية لتحقيق التنمية المستدامة. تشمل هذه المبادرة إنشاء معهد علوم البحار والمحيطات، الذي سيعمل على تعزيز البحث العلمي والتقنيات البحرية المتقدمة. بالإضافة إلى ذلك، تضم أوكساجون محطة عائمة للرحلات البحرية.

من خلال هذا الاقتصاد الأزرق، تساهم أوكساجون في حماية البيئة البحرية وتعزيز الابتكار في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية البحرية وتربية الأحياء المائية. وتعد هذه الخطوة جزء من التزام نيوم بالحفاظ على البيئة الطبيعية والموارد الساحلية.

 

فلسفة أوكساجون: توازن بين التطور التكنولوجي والطبيعة

تستند مدينة أوكساجون إلى نفس الفلسفة التي قامت عليها مجتمعات "ذا لاين" في نيوم، حيث توفر بيئة حضرية استثنائية تجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والانسجام مع الطبيعة. يتيح هذا النموذج للمدينة توفير بيئة معيشية مثالية لسكانها، حيث تركز على توفير مساحات حضرية مصممة للتنقل المستدام وتعزيز الحياة الصحية.

من خلال تصميمها الفريد تحقق أوكساجون الاستغلال الأمثل للأراضي والموارد الطبيعية، مما يسهم في تقليل التأثير البيئي وتعزيز الاستدامة. تعتمد المدينة على الطاقة النظيفة بنسبة 100% وتستفيد من التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في دعم تطوير الصناعات المستقبلية.

 

مركز للصناعات النظيفة والمتقدمة

تمثل أوكساجون مركز للصناعات النظيفة والمتقدمة، حيث تعتمد على أحدث التقنيات الصناعية المتقدمة مثل الروبوتات والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. تعمل هذه التقنيات المتطورة على إنشاء بيئة صناعية مبتكرة وصديقة للبيئة، حيث يحقق المشروع هدف "صافي الانبعاثات الصفرية" من خلال الاعتماد الكامل على الطاقة النظيفة.

وتعتبر هذه المدينة نقطة محورية للشركات الرائدة التي تسعى إلى تحقيق تطورات صناعية نظيفة وفعالة. حيث توفر أوكساجون بيئة جذابة لقادة الصناعة والمبتكرين من جميع أنحاء العالم، بما يسهم في تعزيز الابتكار الصناعي وتحقيق أهداف الاستدامة العالمية.

 

محاور التنمية الصناعية في أوكساجون

ترتكز التنمية الصناعية في أوكساجون على سبعة قطاعات رئيسية، تركز جميعها على الاستدامة والابتكار. تشمل هذه القطاعات:

- الطاقة المتجددة

- التنقل الآلي والمستدام

- تقنيات المياه

- الإنتاج الغذائي المستدام

- الصحة والرفاهية

- التصنيع الرقمي والتقنيات المتقدمة مثل الاتصالات والروبوتات

- أساليب البناء الحديثة

جميع هذه القطاعات مدعومة بالطاقة النظيفة بنسبة 100%، مما يسهم في إنشاء قاعدة صناعية متكاملة قائمة على الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة.

 

أوكساجون والثورة الصناعية الرابعة

تُعد أوكساجون تجسيد حي للثورة الصناعية الرابعة، حيث تعتمد على الأتمتة والتقنيات المتقدمة في جميع مراحل الإنتاج. تسهم هذه التقنيات في تعزيز الكفاءة الصناعية وتحقيق تنافسية عالية للشركات العاملة في المدينة. كما تسعى أوكساجون إلى أن تكون نموذج للثورة الصناعية الخامسة، التي تسعى إلى تعزيز العلاقة بين الإنسان والآلة لتحقيق مستقبل صناعي أكثر ابتكار واستدامة.

 

أوكساجون والاقتصاد الدائري: الاستدامة في صميم التطوير

تتبنى أوكساجون مبادئ الاقتصاد الدائري الذي يعتمد على إعادة استخدام الموارد وتقليل الفاقد إلى أدنى حد ممكن. تسعى المدينة إلى تحقيق أقصى قدر من الاستدامة من خلال تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الدائري. يشمل ذلك تطوير عمليات صناعية صديقة للبيئة تعتمد على تقنيات متقدمة تضمن الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية وتقليل الأثر البيئي.

 

أول رخصة صناعية في أوكساجون: بداية عصر جديد من الصناعات النظيفة

في 1 فبراير 2023م، حصلت شركة نيوم للهيدروجين الأخضر على أول رخصة صناعية في مدينة أوكساجون. هذا المشروع المشترك بين نيوم وأكوا باور وإير برودكتس يمثل بداية لمرحلة جديدة في تطوير الصناعات النظيفة والمتقدمة في المملكة. يعتمد هذا المشروع على استغلال موارد المملكة الهيدروكربونية والطاقة المتجددة لتحفيز اقتصاد الهيدروجين العالمي.

تسعى نيوم إلى أن تكون في مقدمة الدول المنتجة للهيدروجين، مما يعزز من مكانتها كقوة صناعية عالمية في مجال الطاقة المتجددة.