نمط العمارة الحجازية في جدة

 

يعد الفن المعماري الحجازي من أبرز الفنون التراثية التي تعكس عراقة وأصالة المجتمع الحجازي في المملكة العربية السعودية. ومن بين أبرز المعالم التي تميّز هذا الفن هي الرواشين والمشربيات الحجازية، التي تعتبر رموزًا فنية و معمارية بديعة. تبرز الرواشين كقطعٍ فنية مزخرفة تُجمل واجهات المنازل القديمة، حيث تعكس الإبداع الفني والمهارة الحرفية للحرفيين في تلك الحقبة. في هذا المقال، سنأخذكم في رحلة للتعرف على تاريخ الرواشين، خصائصها، ووظائفها المتعددة.

 

 

رواشين جدة التاريخية

تُعتبر الرواشين من أبرز معالم جدة التاريخية، التي تُعد قلب التراث الحجازي. حيث تزيّنت أحياء جدة القديمة بالرواشين التي أضافت طابع مميز يعكس الثراء الثقافي والمعماري للمدينة.

رغم اندثار الكثير من الرواشين التقليدية، إلا أن هناك محاولات جادة للحفاظ عليها. من أبرز هذه المحاولات:

  • إعادة تصميم الرواشين: تقديمها كقطع ديكور وهدايا تذكارية تحاكي التراث.
  • استخدام تقنيات حديثة: مثل الحفر بالليزر لإنتاج نماذج ثلاثية الأبعاد مستوحاة من الرواشين التقليدية.

الرواشين والمشربيات: بين التراث والحداثة

تُعد المشربيات جزء لا يتجزأ من الرواشين، حيث كانت تُستخدم لتبريد المياه وإضفاء لمسة جمالية على المنازل. اليوم، تُقدَّم هذه العناصر بأسلوب حديث يناسب الديكورات المعاصرة.

 

البيت الحجازي القديم

تميز البيت الحجازي القديم بطراز معماري فريد مستوحى من موقعه الجغرافي والثقافة الإسلامية العريقة. ساهم موقع جدة على البحر الأحمر في تشكيل الطابع المعماري الحجازي، حيث كانت المدينة ميناء حيوي يربط بين القارات الثلاث.

 

مواد البناء المستخدمة

  • الحجارة الحمراء: استُخرجت من منطقة الشميسي القريبة من المدينة المنورة.
  • الخشب الفاخر: استخدم في تشكيل الرواشين والمشربيات، ما أضفى لمسة جمالية على المباني.

تقسيم البيت الحجازي الداخلي

  • الدهليز: المدخل الرئيسي للمنزل، وهو غرفة استقبال مميزة كانت تُفرش بالرمل أو السجاد الفاخر في بيوت الأثرياء.
  • غرف النوم: تقع في الطابق العلوي، وتتصل بالطابق الأرضي عبر سلم خشبي أنيق.
  • النقوش والأقواس: زينت المنازل لتبدو كتحف فنية تجمع بين الجمال والوظيفة العملية.

الرواشين: روعة الفن الحجازي

الروشان هو نافذة خشبية بارزة تميز المباني الحجازية القديمة. صُنعت الرواشين من أفضل أنواع الخشب، وزُينت بزخارف هندسية معقدة تنتمي لفن الأرابيسك. تتيح الرواشين لسكان المنزل رؤية الخارج دون أن يتمكن المارة من رؤية الداخل، مما يحقق الخصوصية مع توفير الإضاءة والتهوية.

 

وظائف الرواشين

  • تحسين التهوية: السماح بدخول الهواء النقي وتلطيف الأجواء داخل المنزل.
  • العزل الحراري: يحمي الخشب جدران المنزل من حرارة الشمس الحارقة، مما يجعل الجو أكثر اعتدالاً.
  • الخصوصية: تتيح للسكان متابعة ما يحدث في الخارج دون كشف خصوصياتهم.

أهمية الرواشين في العمارة الحجازية

تُعد الرواشين جزء من المنظومة الفنية الإسلامية التي تُعرف بفن الأرابيسك، وهو فن يبرز الأنماط الهندسية والزخارف المتداخلة. رغم أن هذا الفن في طريقه إلى الاندثار، إلا أن هناك جهود لإحيائه عبر استخدامه في الديكور والهدايا التذكارية.

 

أنواع الرواشين الحجازية

تختلف الرواشين من حيث الحجم، الشكل، والألوان، مما يجعلها فريدة من نوعها حسب ذوق مالك المنزل وإمكانياته المادية. وتنقسم الرواشين إلى أربعة أنواع رئيسية:

الروشان السفلي:

  • يقع في الدور الأرضي.
  • بارز عن مستوى الجدار ومزود بقضبان حديدية للحماية.

الروشان المنفصل:

  • يغطي واجهة كل غرفة بشكل مستقل.
  • لا يتصل بالرواشين الأخرى.

الروشان المتصل:

  • يتصل بالرواشين المجاورة إما أفقياً أو رأسياً.
  • يحتوي على زخارف الأرابيسك المتشابكة.

الروشان المركب:

يضم المشربية، وهي نافذة مخصصة لتبريد المياه والنباتات.

 

تصميم وتركيب الرواشين

يتكون الروشان من عدة أجزاء رئيسية، وهي:

تاج الروشان (الطنف):

  • الجزء العلوي الذي يبرز لتصريف مياه الأمطار.
  • مزين بنقوش وزخارف فنية.

حزام الروشان العلوي:

شريحة أفقية مزخرفة تسمح بدخول الضوء.

الفتحات المتحركة:

تنقسم إلى جزئين: علوي ثابت وسفلي متحرك، مما يوفر مرونة في التحكم بالضوء والهواء.

الشيش:

شبكة خشبية تغطي الفتحات السفلية، مما يضيف لمسة جمالية ويحافظ على الخصوصية.

مميزات المنتجات التراثية الحديثة:

  • جودة عالية: مصنوعة من خشب متين باستخدام تقنيات حديثة.
  • تصميم قابل للتخصيص: يمكن حفر أسماء أو عبارات مميزة عليها.
  • تنوع الألوان والأشكال: لتناسب مختلف الأذواق والديكورات.

 

يبقى الروشان رمز خالد يعكس الهوية الحجازية والذوق الفني الرفيع. فهو يمثل  تاريخ المنطقة وتراثها الغني. ويجسد مزيج رائع من الأصالة والحداثة. كما يعد الروشان الحجازي شاهد على عبقرية الإنسان في تحقيق التوازن بين الجمال والوظيفة. ورغم التغيرات التي طرأت على العمارة الحجازية، إلا أن الرواشين والمشربيات ستظل جزء لا يُنسى من ذاكرة الفن المعماري الإسلامي.