أبرز الحرف التقليدية السعودية

 

تعتبر الحرف التقليدية مرآة تعكس نمط الحياة الاجتماعية والثقافية، وهي جزء من هوية الهوية الثقافية والحضارية للبلاد، وحافظت المملكة العربية السعودية على الحرف التقليدية التي تميّزها عن باقي البلدان رغم التطورات والتحولات التقنية والحديثة، حيث حافظت هذه الحرف على مكانتها الراسخة في الذاكرة الشعبية، وأصبحت اليوم مكون أساسي من عناصر التراث اللامادي الذي تعمل المملكة على حمايته وإعادة إحيائه في ظل رؤيتها الثقافية الجديدة.

 

 

تنوع الحرف وتوزيعها الجغرافي

التوزع الجغرافي و تباين التضاريس والمناخات في المملكة العربية السعودية ميّزت الحرف التقليدية فيها وجعلتها أكثر تنوع، حيث أنّ كل منطقة طورّت حرف خاصّة فيها استجابة لمتطلبات الطبيعة والحياة، فمثلاً في المناطق الساحلية اشتهرت حرف النجارة وصناعة القوارب، وفي الشمال والوسط نرى ازدهار الحرف المرتبطة بالحياة في البادية مثل الخيام والسدو، وفي الواحات تشتهر صناعة الفخاريات وما إلى ذلك.

أبرز الحرف التقليدية في المملكة

السدو فن النسيج البدوي

من أشهر الحرف اليدوية التي تتميز فيها النساء في المملكة العربية السعودية، وخاصة في مناطق الشمال ونجد، تعتمد هذه الحرفة اليدوية على نسج شعر الماعز أو الصوف لصناعة الخيام أو المفارش والسجاد والأحزمة، من أهم الأدوات في هذه الحرفة هو النول، حيث يتم زخرفة القطعة بشكل فني عن طريق نسج أشياء لها رمزية بيئية أو اجتماعية، وتم إدراج حرفة السدو في قائمة التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونيسكو.

الفخار الطين والنار

تشتهر صناعة الفخار في مناطق مثل نجران والأحساء والمدينة المنورة، وذلك بسبب توفر الطين الطبيعي بكثرة في هذه المناطق، ومن أشهر منتجات هذه الحرفة اليدوية هي أواني حفظ الماء كالدوغة وأواني الطهي مثل البرمة، وغيرها للزينة والديكور، تعد صناعة الفخار من أقدم الحرف اليدوية في المملكة العربية السعودية والتي تطورت مع الزمن من البساطة إلى الزخرفة الفنية.

النجارة وزخرفة الأبواب والنوافذ

تشتهر هذه الحرفة اليدوية في مدن الحجاز وجدة التاريخية، حيث ترى الأبواب والنوافذ تزخرف بأشكال هندسية وأشكال نباتية، وتتميز هذه الحرفة بالطابع الزخرفي الإسلامي وتستخدم فيها أنواع مختلفة من الخشب المحلي وتتميز بالدقة العالية والجمال الفني، وأصبحت هذه الحرفة جزء من الهوية البصرية التقليدية للمنطقة.

المشالح عباءات الفخامة والهيبة

تُعتبر صناعة المشالح العباءات الرجالية الفاخرة من أبرز الحرف في الأحساء، وهي مرتبطة بالمكانة الاجتماعية والاحتفالات الرسمية. تُنسج المشالح من صوف ناعم وتُطرز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. وتُعد هذه الصناعة علامة على الرقي والاحتراف، وتستغرق صناعة المشلح الواحد أيام أو أسابيع حسب دقته.

 

الخوصيات سلال النخيل وعبق الواحات

في مناطق غنية بالنخيل مثل الأحساء والقصيم والمدينة المنورة نشأت حرفة صناعة الخوص وهي استخدام سعف النخيل المجفف لصنع سلال وأطباق ومراوح وقبعات وسُجادات. تُنسج الخوصيات من قبل النساء، وتتميز بألوانها الزاهية وعمليتها. ولا تزال تُستخدم حتى اليوم في المنازل والأسواق التراثية.

الحدادة وصناعة الأسلحة البيضاء

في مناطق الجنوب مثل نجران وعسير، حافظت الحدادة على أهميتها كحرفة تقليدية لصناعة أدوات الزراعة والسيوف والخناجر. وتُزيّن السيوف والخناجر بنقوش يدوية وقطع فضة أو ذهب، وتُعد الخنجر الجنوبي رمز للرجولة والهوية القبلية. وتُستخدم هذه القطع اليوم في المناسبات التراثية والرقصات الشعبية مثل العرضة.

العطور وماء الورد

تُشتهر الطائف بإنتاج ورد الطائف العطري حيث تُقطف الورود في صباح وتُقطر في معاصر تقليدية لاستخلاص دهن الورد وماء الورد. وتُستخدم هذه المنتجات في صناعة العطور والطب الشعبي والمناسبات الاجتماعية. ويُعد موسم قطف الورد مهرجان تراثي يجتذب السياح والمهتمين بالثقافة.

صناعة الجلود

في المناطق البدوية والجنوبية، تُستخدم الجلود الطبيعية لصناعة أوعية الماء القرب والأحزمة والحقائب والنعال. وتعتمد الحرفة على دباغة الجلود الطبيعية باستخدام مواد عضوية، ثم معالجتها وتشكيلها. وتُزين بخيوط وألوان وأدوات معدنية تضفي طابع جمالي.

أهمية الحرف التقليدية في العصر الحديث

رغم التحديات التي واجهتها هذه الحرف نتيجة التغيرات الاقتصادية والتقنية، إلا أن هناك جهود متزايدة لإحيائها. فقد بدأت الحكومة السعودية عبر وزارة الثقافة وهيئة التراث، بمبادرات تهدف إلى توثيق هذه الحرف، وتدريب الأجيال الجديدة عليها، ودعم الحرفيين عبر برامج تمويل وتسويق.

وقد تم إنشاء أسواق ومراكز حرفية، مثل سوق المسوكف في عنيزة وسوق القيصرية في الأحساء وسوق عكاظ في الطائف وهي منصات لعرض وبيع المنتجات الحرفية، إلى جانب تنظيم مهرجانات سنوية تُعيد إحياء مظاهر الحياة التراثية.

إضافة إلى ذلك، تُعد هذه الحرف فرصة اقتصادية وسياحية واعدة. فالكثير من السياح يبحثون عن تجارب أصيلة تتيح لهم التعرف على تراث المجتمعات.

 

الحرف التقليدية في السعودية هي رواية حضارية تُروى بخيوط الصوف ونقوش الخشب،ورائحة العطر وصوت المطرقة. إنها تمثل الذاكرة الجمعية للشعب السعودي، وتحمل في طياتها القيم الجمالية والوظيفية التي صاغها الأجداد في بيئاتهم المختلفة. وبينما تخطو المملكة بخطى واثقة نحو المستقبل، فإن تمسكها بتراثها الحرفي يعكس وعي حضاري بأهمية الجذور، ويُشكّل جسر بين الماضي والمستقبل.