عادات المجتمع السعودي في عيد الأضحى

 

يحتفل المجتمع الإسلامي حول العالم في العاشر من ذي الحجة من كل سنة بعيد الأضحى المبارك ويعرف أيضاً بالعيد الكبير، يوافق عيد الأضحى مناسبة عظيمة وهي موسم الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام، ولكل مجتمع عاداته وتقاليده التراثية و المتجذرة للاحتفال بالعيد، ومن أهمها اجتماع الأسرة الكبيرة وتلاحم المجتمع وصنع الحلويات، وبالتأكيد توزيع لحوم الأضحيات، وسنتحدث في هذا المقال عن عادات المجتمع السعودي في عيد الأضحى المبارك. 

 

 

أجواء الاستعداد قبل العيد

تستعد الأُسر لاستقبال عيد الأضحى المبارك قبل قدومه بأيام، حيث يقومون بشراء الملابس الجديدة وتنظيف المنزل استعداداً لاستقبال الضيوف من الأقارب والأصدقاء، كما يقوم الأهالي بتهيئة الأطفال معنوباً ونفسياً للاستعداد لهذه المناسبة السعيدة، وعلى مستوى الأسواق تكثر فيها أماكن بيع الماشية والأغنام، إضافةً إلى التخفيضات التي تقوم بها المحلات التجارية بمناسبة قدوم العيد، ويبدأ الناس باختيار الأضاحيات، وتكون الأجواء العامة أجواء فرح وسرور وحماس لاستقبال هذه المناسبة المباركة.

 

صلاة العيد

صباح يوم العيد، وقبيل شروق الشمس، يتوافد السعوديون بأزيائهم التقليدية الأنيقة إلى المصليات والمساجد، حيث تُقام صلاة العيد في أجواء مفعمة بالإيمان والفرح. الرجال يرتدون الثوب الأبيض التقليدي والغترة والعقال، بينما يرتدي الأطفال ملابس جديدة تبعث فيهم البهجة، وتُسمع أصوات التكبير تتردد في أرجاء المدن والقرى، لتخبر ببدء يوم مليء بالخير والبركة.

وتُعد صلاة العيد مناسبة اجتماعية، إذ يلتقي الجيران والأقارب في جو من الألفة، ويتبادلون التهاني والدعوات الصادقة، مثل: عيدكم مبارك، وعساكم من عواده.

 

الأضاحي

بعد الصلاة مباشرة يأتي وقت ذبح الأضاحي، اقتداءً بسنة النبي إبراهيم عليه السلام، وتُذبح الأضاحي على الشريعة الإسلامية، يتم تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء: 

  • ثلث يُهدى للأقارب
  • ثلث يُتصدق به على المحتاجين
  • ثلث يُستهلك في المنزل

يُفضل كثير من السعوديين ذبح الأضحية بأنفسهم، خاصة في المناطق الريفية، بينما يُوكل آخرون الجمعيات الخيرية أو المسالخ البلدية، التي تُشرف على الذبح وفق معايير صحية وشرعية دقيقة.

من أهم فوائد شريعة الأضحية أنها تسهم في إحياء روح التكافل الاجتماعي، حيث توزع اللحوم على الفقراء في الأحياء والمناطق المحتاجة عن طريق الأفراد أو من خلال حملات تطوعية تنظمها الجمعيات الأهلية، مثل جمعية البر وبنك الطعام السعودي.

 

الاجتماعات العائلية والمائدة السعودية

من أهم مظاهر عيد الأضحى في السعودية الاجتماع العائلي حول مائدة الغداء مع وجود الوجبة التقليدية والتراثية في العيد وهي المفطح، وهو طبق سعودي تقليدي يتكون من لحم الخروف المطبوخ مع الأرز والبهارات، ويقدّم بكميات كبيرة للضيوف وهذا دلالة على كرم العرب المعروف.

تختلف المأكولات بين المناطق، ففي الجنوب تقدم أطباق مثل العصيدة والحنيني، بينما تنتشر في المنطقة الشرقية أطباق مثل المجبوس والمرقوق.

يُمثل فرصة سنوية هذا الاجتماع لالتقاء أفراد العائلة الكبيرة، وتبادل الأخبار، وبناء العلاقات الاجتماعية، خاصّةً في ظل الانشغال الذي يسيطر على حياة كثيرين خلال بقية أيام السنة.

 

التهاني والعيديات والزيارات

بعد تناول الطعام، تبدأ عادة الزيارات العائلية، حيث يتبادل الناس التهاني ويزورون الأقارب والجيران. وتُعطى العيدية للأطفال، وهي مبلغ نقدي يُمنح للأطفال ليشعروا بالفرح والسرور في هذه المناسبة وليتأصل لديهم أنّ العيد هو وقت العطاء، وتعد العيدية من العادات المحببة التي ينتظرها الصغار بشوق كبير، حيث يرتدون أجمل ما لديهم، ويتنقلون بين البيوت ليتلقوا العيديات، ويعزز لديهم مفهوم العيد كفرصة للبهجة والكرم.

أما وسائل التواصل الحديثة، فقد أضفت بُعد إضافي على التهاني، حيث تنتشر الرسائل النصية ومقاطع التهنئة عبر تطبيقات مثل واتساب وسناب شات، لتصل التهاني إلى من تعذر لقاؤهم.

 

مظاهر الفرح والاحتفالات الشعبية

تشهد كثير من المدن السعودية فعاليات احتفالية تنظمها البلديات وهيئات الترفيه حيث يتم تقديم عروض فنية،وألعاب نارية وساحات لعب مخصصة للأطفال، إضافة إلى المهرجانات التراثية التي تبرز ثقافة كل منطقة. فمثلاً في منطقة عسير تُقام عروض شعبية مثل الزامل والخطوة، وفي المنطقة الغربية تُقدم فرق مختصة بالفنون الشعبية فنون مثل المجرور والينبعاوي.

تسهم هذه الفعاليات في نشر الفرح بين أفراد المجتمع، وتعزيز روح الانتماء الوطني، إضافة إلى كونها متنفس ترفيهي للأسرة خلال أيام العيد.

 

العطاء والخير في موسم البركة

من القيم الأساسية في عيد الأضحى داخل المجتمع السعودي هي روح العطاء، والتي تتجلى بوضوح في كثرة الأعمال الخيرية خلال هذا الموسم. حيث تتعاون مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والمتطوعين، في تنظيم حملات لتوزيع اللحوم والكسوة،والطرود الغذائية على الأسر المحتاجة.

كما تُقام مبادرات لزيارة المرضى في المستشفيات وكبار السن في دور الرعاية، في محاولة لإدخال السرور على قلوبهم، وعدم تركهم في عزلة خلال هذا اليوم المبارك.

 

يُعد عيد الأضحى في المجتمع السعودي مناسبة دينية ومجتمعية، فهو احتفال جامع يعكس عمق الروابط الاجتماعية وكرم النفس والتقاليد العريقة والروح الإسلامية الأصيلة. وتمتزج فيه مشاعر الفرح بعبق الإيمان، والعادات الشعبية بروح العصر.

ورغم التحولات التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030، تبقى هذه العادات حاضرة، تتجدد كل عام، وتُحافظ على خصوصية المجتمع السعودي وهويته الإسلامية والثقافية.