التحول السعودي من الاقتصاد النفطي إلى الاقتصاد المتنوع

 

تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل كبير في اقتصادها على المخزون النفطي الكبير لديها، منذ اكتشافه في ثلاثينيات القرن الماضي بدأت المملكة في الاستثمار في هذا القطاع بطريقة استراتيجية وذكية أسهمت في دعم التطور في المملكة بشكل كبير من جميع النواحي العمرانية والاجتماعية والصحية، لكن الاعتماد المفرط على النفط جعل اقتصاد المملكة يتبع لتقلبات السوق العالمية وأسعار الطاقة، من هذا المنطلق بدأت المملكة العربية السعودية في تطوير مسارها الاقتصادي عن طريق الاستثمار في قطاعات ثانية لدعم الاقتصاد، مثل السياحة والتكنولوجيا والصناعة والطاقات المتجددة والمستدامة.

عام 2016 أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤية 2030 الطموحة والتي تضع خارطة طريق استراتيجية لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط لمواكبة التقلبات والتغيرات العالمية عن طريق الاستثمار في القطاعات المختلفة.

 

 

التقدم المؤسسي والإصلاحات الهيكلية

في إطار العمل الرسمي تبدأ المملكة بتنفيذ الرؤية مر ببرامج منها:

البرنامج الوطني للتحول:

يركز البرنامج على زيادة الإيرادات الغير نفطية إلى 600 مليار ريال عن طريق تخطيط وتنفيذ 543 مبادرة في 24 مؤسسة حكومية، إضافة إلى المشاركة في دعم نمو القطاع الخاص ليحقق 65% من الناتج المحلي وهذا ساهم في تقليل نسبة البطالة بمقدار 12%.

كما أن المملكة عملت على إطلاق برنامج جودة الحياة الذي بلغ تمويله 34.6 مليار دولار لدعم القطاعين السياحي والترفيهي، إضافة إلى إعطاء ما يقارب 400 ألف تأشيرة وتوفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل جديدة.

تطوير بيئة الأعمال

عملت المملكة على تطوير بيئة العمل عن طريق تشريع قوانين جديدة بهدف حماية المستثمر من خلال تخفيض التكاليف وتحسين مناخ العمل، وهذا أدى إلى نقلة نوعية في عدد تراخيص الاستثمار بنسبة نمو 95% وتراخيص أعمال جديدة بنسبة نمو ممتازة بما يقارب 267% في عام 2022.

 نتائج ملموسة على الأرض

الناتج غير النفطي

عام 2022 حقق القطاع غير النفطي نمو بنسبة 4.8%، وفي الربع الثاني من 2024 ارتفع من 4.9%، وتزايد أيضا في الربع الأول من 2025 بنسبة 4.2% بينما تراجع النفط 1.4%، مما رفع الناتج الإجمالي 2.7% 

الإيرادات الحكومية

  • الإيرادات غير النفطية ارتفعت إلى 32% من إجمالي العوائد الحكومية عام 2022، مقارنة بأقل من 10% عام 2012-13 
  • فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% وتوسيع الضرائب على السلع كان له تأثير واضح في تنويع الإيرادات .

مشاركة القطاع الخاص

ارتفعت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من 37% عام 2012-13 إلى 39% عام 2022، كما ارتفعت نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص من 16% عام 2016 إلى 23% في 2022 .

التركيز على القطاعات الاستراتيجية

السياحة والترفيه

  • تجاوز عدد الزوّار السنوي هدف 100 مليون زائر، وتصل مساهمة القطاع إلى 11.5% من الناتج المحلي عام 2023 .
  • مشاريع كبرى مثل البحر الأحمر وأمالا والدرعية" والعلا باتت محاور سياحية دولية .
  • تم إنشاء هيئة الترفيه وسمح بإنشاء دور السينما، ضمن توجه لتحسين جودة الحياة .

الطاقة المتجددة والمناجم

تستهدف السعودية إضافة 20 غيغا واط من الطاقة المتجددة سنويًا، لتصل إلى 130 غيغا واط بحلول 2030 

مشروع جفرة للغاز غير المصاحب سينطلق في الربع الثالث من 2025 بطاقة 2 مليار قدم مكعب يومياً بحلول 2030 

كما أنّ قيمة المعادن غير المستغلة وصلت إلى 2.5 تريليون دولار، والمملكة تهدف لرفع مساهمة التعدين من 17 إلى 75 مليار دولار بحلول 2035.

التصنيع والمجمعات الاقتصادية

  • تطوير مجمعات صناعية متخصصة مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية ومصنع جازان، لتوطين الصناعة والخدمات اللوجستية.
  • مشاريع بتراكم إنتاجية واسعة تشمل البتروكيماويات، مجمع يُحوِّل 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى مواد كيميائية.

 

التحول الاقتصادي السعودي بات أكثر من مجرد رؤية فهو واقع يشكل بياناته ونتائجه خطوات ملموسة نحو اقتصاد متنوع ومستدام. تركيز القيادة على الإصلاحات، البرامج المركزة، وإدارة الأموال عبر الديون وصناديق الثروة، يُعد محرك أساسي لتحقيق التغيير. أما إنفاذ المشاريع العملاقة بجودتها وحيوية القطاع الخاص والكفاءات الوطنية، فسيكون حجر الأساس لتحقيق الأهداف الكبرى لرؤية 2030.