حديقة الملك سلمان في الرياض .. أبرز الأرقام والإحصائيات
في قلب مدينة الرياض، تتكوّن ملامح مشروع استثنائي يُعيد تعريف مفهوم الحياة الحضرية في المملكة، حديقة الملك سلمان، أكبر حديقة في العالم وأحد أكثر المشاريع طموحاً ضمن رؤية السعودية 2030.
تُعد الحديقة أحد المشاريع الأربعة الكبرى التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، عام 2019، بهدف تحسين جودة الحياة في العاصمة وتعزيز مكانتها كمدينة عالمية صديقة للبيئة.
رؤية المشروع: مدينة تنبض بالخُضرة والثقافة
تأتي حديقة الملك سلمان كمشروع استراتيجي؛ فهي مشروع حضري شامل من الطبيعة والفن والثقافة والرياضة والترفيه في آنٍ واحد.
تمتد الحديقة على مساحة تزيد عن 16 كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة مدينة صغيرة، لتكون بمثابة “الرئة الخضراء” للعاصمة.
ويُتوقع أن تُصبح وجهة رئيسية للسكان والسياح على حدٍّ سواء، مع استهدافها جذب ملايين الزوار سنوياً بفضل تنوع مرافقها واتصالها السلس بشبكة المواصلات العامة.
أين وصل المشروع اليوم؟
بحسب الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض (RCRC)، تشهد حديقة الملك سلمان تقدم متسارع في أعمال البنية التحتية والتشجير والإنشاءات الخاصة بالمناطق الرئيسية.
خلال العامين الماضيين، أنجزت فرق العمل:
- تنفيذ نحو 70% من أعمال البنية التحتية الأساسية للمياه والكهرباء والاتصالات.
- زراعة أكثر من 200 ألف شجرة من أصل مليون شجرة مستهدفة.
- الانتهاء من المرحلة الأولى من الممشى الدائري بطول يقارب 7 كيلومترات.
- بدء أعمال الإنشاء في مجمع الفنون الملكي وعدد من الحدائق المتخصصة.
- استكمال حفر قنوات المياه والبحيرات الصناعية التي ستُغطي أكثر من 300 ألف متر مربع.
كما افتتحت الهيئة بعض المناطق النموذجية بشكل تجريبي لاختبار أنظمة الري والإضاءة الذكية، في خطوة تُمهّد لافتتاح أجزاء من المشروع أمام الزوار في المراحل القادمة.
مراحل الإنجاز القادمة
بحسب تصريحات الهيئة الملكية، تُنفَّذ أعمال المشروع على مراحل متتابعة تمتد حتى نهاية العقد الجاري.
خلال الفترة الحالية، تُركّز الجهود على:
- استكمال البنية التحتية في كامل نطاق الحديقة.
- الانتهاء من التشجير وزراعة النباتات المحلية.
- تنفيذ المباني الثقافية والفنية الأساسية.
- تجهيز مرافق الزوار والمناطق الترفيهية الأولى التي يُتوقع افتتاحها خلال السنوات القليلة القادمة.
ويُتوقع أن تبدأ الحديقة باستقبال الزوار جزئياً خلال المرحلة التجريبية الأولى، تمهيداً للافتتاح الكامل خلال النصف الثاني من العقد الحالي.
موقع استراتيجي في قلب الرياض
يقع المشروع في موقع مطار الرياض القديم، وهو موقع مثالي من حيث الوصول والربط الحضري، إذ يُحاط بشبكة من الطرق الرئيسة مثل طريق العروبة وأبو بكر الصديق، إضافة إلى خمس محطات مترو وعشر محطات للحافلات ضمن شبكة النقل العام بالعاصمة.
كما صُمم المشروع بحيث يُحقق مبدأ “سهولة التنقل”، سيراً على الأقدام أو بالدراجات أو بوسائل النقل العام، بما يتماشى مع توجه الرياض نحو تطوير أنماط تنقل حضرية صديقة للبيئة.
أرقام ضخمة تُترجم الطموح
تتحدث الأرقام وحدها عن حجم الطموح وراء المشروع:
- 16 كم مربع إجمالي مساحة الحديقة.
- 11 كم مربع من المساحات الخضراء المفتوحة.
- أكثر من مليون شجرة تُغطي الحديقة بمزيج من النباتات المحلية والعالمية.
- 7.2 كم طول الممشى الدائري للمشاة، أحد أطول المسارات من نوعه عالمياً.
- 300 ألف متر مربع من البحيرات والعناصر المائية.
- 12 ألف وحدة سكنية تحيط بالحديقة، إضافة إلى 16 فندق تضم أكثر من 2300 غرفة.
- 500 ألف متر مربع مخصصة للمطاعم والمقاهي والمتاجر، و600 ألف متر مربع للمكاتب.
هذه الأرقام تعكس رؤية شمولية لتكوين مجتمع متكامل يعيش ويتفاعل داخل بيئة طبيعية مستدامة.
وادي الرياض.. القلب النابض للمكان
يتوسط الحديقة ما يُعرف بـ “الوادي”، وهو مساحة تمتد على أكثر من كيلومتر مربع من المناظر الطبيعية والمجاري المائية والعناصر الفنية والمعمارية المميزة.
يُعد الوادي مركز الجذب الأساسي داخل الحديقة، إذ سيضم جسور وممرات مائية ونوافير، إلى جانب مناطق مخصصة للعروض الفنية والمناسبات الثقافية.
وسيشكّل المكان نقطة التقاء بين مختلف أجزاء المشروع، بحيث يمكنك أن تجد فيه النشاط والحيوية في النهار، والهدوء والجمال في المساء.
مجمع الفنون الملكي.. عاصمة الثقافة والإبداع
تُعتبر الهوية الثقافية من أهم ركائز المشروع. فوسط الحديقة، سيُقام “المجمع الملكي للفنون” على مساحة تزيد عن 400 ألف متر مربع، ليكون مركز للإبداع الفني و المسرحي والموسيقي في المملكة.
يتألف المجمع من:
- مسرح وطني بسعة 2300 مقعد.
- مسرح خارجي يستوعب نحو 8000 متفرج.
- أكاديميات للفنون تشمل الفنون البصرية والموسيقية والتمثيلية.
- مكتبة فنية متخصصة، ومعارض فنية دائمة ومؤقتة.
يهدف المجمع إلى دعم الفنانين السعوديين والمبدعين الشباب، وتعزيز الحضور الثقافي للمملكة على الساحة العالمية.
تنوع بيئي وجمال طبيعي
تضم الحديقة مجموعة مدهشة من الحدائق الفرعية، لكل منها طابعها الخاص، مثل:
- الحديقة الإسلامية ذات الطابع التراثي والمعماري الفريد.
- حديقة الفراشات والطيور التي تحتضن أنواع محلية نادرة.
- الحديقة العمودية التي تُعيد تعريف الزراعة في الفضاءات الحضرية.
وتُعد هذه المساحات البيئية جزء من خطة أوسع لتعزيز التنوع الحيوي في العاصمة وتحسين جودة الهواء وتقليل درجات الحرارة في المدينة.
مشروع صديق للبيئة ومستدام
صُمم المشروع وفقاً لأحدث معايير الاستدامة العالمية، مع التركيز على إعادة استخدام المياه الرمادية للريّ، واعتماد أنظمة طاقة شمسية للإضاءة، واستخدام مواد بناء صديقة للبيئة.
كما يُتوقع أن تُسهم الحديقة في خفض الانبعاثات الكربونية من خلال امتصاص ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، إضافة إلى دعم مبادرة السعودية الخضراء الهادفة إلى زراعة 10 مليارات شجرة في المملكة.
بيئة معيشية متكاملة
إلى جانب المساحات الترفيهية والثقافية، تضم الحديقة محيط عمراني متكامل يشتمل على:
- أحياء سكنية راقية ومتنوعة التصميم.
- مدارس ومراكز تعليمية وثقافية.
- مرافق صحية وخدمية متكاملة.
- مساجد وحدائق أحياء داخلية.
- شبكة متكاملة من الممرات والدراجات الهوائية.
بهذا، تتحول الحديقة إلى نموذج للمدينة الذكية المستدامة التي توفّر أسلوب حياة متوازن.
تأثير اقتصادي واجتماعي واسع
من المتوقع أن تُسهم حديقة الملك سلمان في تحفيز النمو الاقتصادي في العاصمة من خلال استقطاب الاستثمارات في قطاعات السياحة والفنادق والتجزئة والعقارات.
كما ستُوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات الإنشاء، والتشغيل، والأنشطة الثقافية والفنية.
أما على المستوى الاجتماعي، فستكون الحديقة مركز للفعاليات والمهرجانات المحلية والعالمية، وستصبح ملتقى ثقافات ومجتمع نابض بالحياة.
جزء من رؤية 2030
تندرج الحديقة ضمن رؤية الرياض الكبرى التي تهدف إلى جعل العاصمة واحدة من أفضل 10 مدن في العالم من حيث جودة الحياة.
ومع اكتمال المشروع، ستكون الحديقة نقطة تحوّل في مفهوم التخطيط الحضري بالمملكة، حيث تُعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والمدينة والطبيعة.
حديقة الملك سلمان رمز لعصر جديد من التنمية المستدامة في السعودية. وتعبير حيّ عن فلسفة رؤية 2030 التي تُوازن بين الحداثة والإنسانية، بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، وبين الطموح المحلي والانفتاح العالمي.
حين تكتمل، ستكون أيقونة الرياض الجديدة؛ مساحة يجتمع فيها الجمال والفكر والطبيعة تحت ظلّ اسمٍ يرمز إلى العطاء والقيادة: الملك سلمان بن عبدالعزيز.