مشروع بوابة الملك سلمان في مكة المكرمة
تتواصل في المملكة العربية السعودية مسيرة المشاريع الكبرى التي ترسم ملامح مستقبل عمراني وإنساني جديد، وفي مقدمة هذه المشاريع يأتي مشروع بوابة الملك سلمان في مكة المكرمة، الذي يُعد من أضخم المشاريع التطويرية الحديثة الهادفة إلى خدمة ضيوف الرحمن وتحسين جودة الحياة في المدينة المقدسة.
رؤية مستوحاة من خدمة الحرمين الشريفين
جاء إطلاق المشروع بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإشراف مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ليعكس اهتمام القيادة السعودية بتطوير مكة المكرمة بما يتناسب مع مكانتها الدينية والتاريخية، وبما يعزز تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في محور خدمة ضيوف الرحمن.
فمنذ إطلاق الرؤية الوطنية، أولت الدولة عناية خاصة بالمناطق المحيطة بالمسجد الحرام، لتكون بيئة متكاملة من الراحة والروحانية، وتوفر بنية تحتية ذكية ومستدامة قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والمعتمرين والزوار القادمين من شتى أنحاء العالم.
الموقع والمساحة
يقع مشروع بوابة الملك سلمان في موقع استراتيجي بالقرب من المسجد الحرام، وهو أحد أهم المشاريع العمرانية في المنطقة المركزية لمكة المكرمة.
تبلغ مساحة المشروع الإجمالية نحو 12 مليون متر مربع من المسطحات المبنية، لتشكل مدينة متكاملة داخل مكة، تحتوي على أحياء سكنية راقية، ومرافق فندقية وتجارية وثقافية وخدمية، إلى جانب المساجد والساحات والمناطق الخضراء.
هذا الموقع الفريد يجعل من المشروع بوابة فعلية للمدينة المقدسة، ومنصة لاستقبال ملايين الزوار كل عام، بحيث يشكّل نقطة توازن بين روحانية المكان ومتطلبات الحياة العصرية.
أهداف المشروع
يهدف مشروع بوابة الملك سلمان إلى تحقيق مجموعة من الغايات الاستراتيجية، أبرزها:
- خدمة ضيوف الرحمن عبر توفير بيئة حضرية متكاملة تسهّل أداء المناسك وتضمن راحة الزوار.
- تحسين جودة الحياة في مكة المكرمة من خلال تطوير البنية التحتية، والمرافق العامة، وشبكات النقل والمواصلات.
- رفع الطاقة الاستيعابية للمنطقة المحيطة بالحرم الشريف بما يتجاوز 900 ألف مصلي في المصليات الداخلية والساحات الخارجية.
- تعزيز الجوانب الثقافية والتراثية عبر إعادة تأهيل وتطوير ما يقارب 19 ألف متر مربع من المواقع التراثية في مكة، للحفاظ على هوية المدينة التاريخية الأصيلة.
- تنمية الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة، إذ يُتوقع أن يولّد المشروع أكثر من 300 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2036.
مكونات المشروع
يُعد المشروع نموذج للمدن المتكاملة متعددة الاستخدامات، إذ يضم مزيج متوازن من المكونات العمرانية والخدمية، من أبرزها:
المناطق السكنية والفندقية:
مجموعة من المجمعات السكنية والفنادق العالمية التي تلبي احتياجات الزوار والمقيمين على حد سواء، بتصميمات مستوحاة من العمارة المكية الأصيلة.
المساجد والساحات المفتوحة:
مصليات ضخمة داخلية وخارجية تتسع لمئات الآلاف من المصلين، و تربطها ممرات وساحات مخصصة للحركة الانسيابية نحو المسجد الحرام.
المناطق التجارية والترفيهية:
مراكز تسوق ومطاعم ومقاهي، إضافة إلى مساحات خضراء وحدائق عامة توفر بيئة مريحة ومتوازنة بين العمل والراحة.
المرافق الثقافية والتعليمية:
مراكز للمعارض والمتاحف والمكتبات، تعكس البعد الحضاري والتاريخي لمكة المكرمة وتُسهم في نشر الوعي الثقافي والديني بين الزوار.
شبكات النقل والمواصلات:
المشروع مصمم ليكون مرتبط بمنظومة النقل العام الحديثة، بما في ذلك الحافلات الكهربائية والقطارات، لتسهيل تنقّل الزوار بين مناطق مكة والحرم الشريف.
الاستدامة والهوية العمرانية
من الجوانب اللافتة في مشروع بوابة الملك سلمان هو التزامه بمفاهيم التنمية المستدامة، سواء في التصاميم العمرانية أو في إدارة الموارد.
فقد راعى المنفذون استخدام التقنيات الذكية في الطاقة والمياه والنفايات، إلى جانب الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، بما يقلل من الأثر البيئي ويعزز الكفاءة التشغيلية.
كما يستلهم المشروع الطابع المعماري المكي في تصميماته، باستخدام أحدث التقنيات الهندسية، ليقدّم صورة فريدة لمدينة تحافظ على هويتها الدينية وفي الوقت ذاته تواكب تطورات العصر.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
يمثل مشروع بوابة الملك سلمان أحد المحركات الاقتصادية الجديدة في مكة المكرمة، إذ سيُسهم في:
- تحفيز القطاع العقاري والسياحي عبر جذب الاستثمارات المحلية والعالمية.
- تنويع مصادر الدخل من خلال الأنشطة التجارية والخدمية المصاحبة للمشروع.
- خلق فرص عمل واسعة في مجالات البناء والتشغيل والخدمات اللوجستية والسياحة.
- رفع مستوى المعيشة لسكان مكة عبر تحسين الخدمات والبنى التحتية وتوسيع نطاق التنمية الحضرية.
إضافة إلى ذلك، سيُسهم المشروع في ترسيخ صورة المملكة كوجهة عالمية رائدة، وكدولة أصيلة تاريخياً ومتقدّمة حضارياً تعمل على تسخير كل إمكاناتها لخدمة الإنسان والمكان.
بوابة نحو المستقبل
مشروع بوابة الملك سلمان هو رؤية شاملة لمكة المكرمة كمدينة مستقبلية قادرة على استقبال ملايين الزوار سنوياً بكفاءة وكرم وضيافة.
فهو امتداد طبيعي لمشاريع كبرى أخرى في المملكة مثل "رؤى الحرم المكي"، و"رؤى المدينة"، التي تهدف جميعها إلى تطوير المدن المقدسة وتحويلها إلى بيئات عصرية تراعي متطلبات الإنسان وتكرم قداسة المكان.
المشروع اليوم في مراحله الأولى من التخطيط والتنفيذ، وقد أعلنت شركة رؤى الحرم المكي التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، أنها تتولى مهام التطوير والإشراف، ضمن شراكات استراتيجية مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة، لضمان تنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير العالمية في البناء والتخطيط الحضري.