المدن الصحية في السعودية
تعمل المملكة العربية السعودية بجد على تحسين البيئة الصحية للمواطنين والمقيمين في المملكة وذلك ضمن رؤية 2030 التي تسعى إلى الارتقاء بجودة حياة الإنسان عن طريق تطوير البُنى التحتية الصحية من مشافي ومستوصفات، من خلال مبادرة بناء المدن الصحية التي تعمل وفق معايير دولية وضعتها منظمة الصحة العالمية لتعزيز الصحة العامة للمجتمعات عن طريق التمكين وتحسين البيئة الصحية.
سنناقش في هذا المقال مبادرة السعودية الطموحة في بناء وتجهيز المدن الصحية وأماكن تواجدها في المملكة
ما هي المدينة الصحية؟
بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية للمدينة الصحية، تقول:
مدينة تُعطى فيها الأولوية للصحة في جميع السياسات، ويشارك سكانها مع المؤسسات في تحسين العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على صحتهم ورفاههم.
بمعنى أن المدينة الصحية هي مكان تتوفر فيه الخدمات الطبية بشكل كامل، حيث تتشكل بيئة متكاملة تحفز الأفراد على الاعتناء بالصحة الجسدية والنفسية وتساعدهم على بناء سلوكيات إيجابية وعادات صحيّة.
البرنامج الوطني للمدن الصحية في السعودية
بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وضمن برنامج المدن الصحية أطلقت وزارة الصحة السعودية مبادرة المدن الصحية ضمن إطار وطني متكامل بهدف تمكين ودعم المجتمعات المحلية لتصبح أكثر صحة، حيث يعمل البرنامج على تطوير شراكة بين المجتمعات المحلية بجميع فئاتها والحكومة في عمليات التخطيط والتنفيذ والرقابة، عن طريق تشكيل لجان محلية مشتركة بين الأهالي وممثلين المجتمع المدني والجهات الحكومة.
أهداف البرنامج
- تعزيز صحة المجتمع من خلال الوقاية والتثقيف الصحي.
- تحسين البيئة الحضرية، مثل جودة الهواء والمياه والنظافة العامة.
- رفع الوعي الصحي لدى السكان وتشجيعهم على المشاركة.
- دعم التكامل بين القطاعات الحكومية والمجتمعية لتنسيق الجهود الصحية.
- تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي.
معايير اختيار المدن الصحية
للحصول على لقب مدينة صحية، يجب أن تحقق المدينة 80 معيار وضعتها منظمة الصحة العالمية، تغطي مجالات متعددة تشمل:
- الصحة العامة: توافر خدمات صحية أولية مثل الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة النفسية.
- البيئة النظيفة: إدارة النفايات وتحسين جودة الهواء والماء ومكافحة التلوث.
- التمكين المجتمعي: إشراك السكان في صنع القرار وتحسين الخدمات.
- السلامة والوقاية: تقليل الحوادث والإصابات وتعزيز السلامة في الطرق والأماكن العامة.
- التعليم والصحة: نشر الثقافة الصحية في المدارس والمجتمع.
- التغذية: دعم الغذاء الصحي ومحاربة السمنة وسوء التغذية.
- الخدمات الاجتماعية: دعم الفئات الضعيفة ككبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
مدن سعودية حصلت على الاعتماد كمدن صحية
أثبتت المملكة قدرتها على تحقيق هذه المعايير بفعالية وتمكنت عدة مدن من الحصول على اعتماد منظمة الصحة العالمية كمدن صحية، منها:
عنيزة (القصيم)
تعد أول مدينة سعودية تحصل على الاعتماد الرسمي من منظمة الصحة العالمية عام 2018. وتميزت بمستوى عالٍ من التنظيم المجتمعي والتكامل بين الجهات الحكومية والأهلية.
الهفوف والمبرز (الأحساء)
أسهمت جهود بلدية الأحساء والقطاعات الصحية والتعليمية في تطوير بنية تحتية صحية واجتماعية ممتازة من خلال العمل التشاركي المبهر بين الجهات الحكومية والمجتمعات.
الدرعية (الرياض)
بفضل مبادرات الحفاظ على التراث وتطوير البيئة، أصبحت الدرعية نموذج في تطوير الصحة المستدامة.
رابغ، الطائف، نجران، ينبع، جازان، الخبر
كلها مدن تعمل على استيفاء المعايير العالمية للحصول على الاعتماد، وسط دعم مؤسسي ومجتمعي واسع.
أثر المدن الصحية على المجتمع السعودي
تحسين جودة الحياة
تساهم المبادرة في جعل الحياة اليومية أكثر راحة وأمان، عن طريق الحفاظ على الحدائق العامة وتطوير الممرات المخصصة للمشاة والمساحات الخضراء وأماكن الأنشطة الصحية.
خفض معدلات الأمراض المزمنة
أثبتت الدراسات أن المدن الصحية تُسهم في تقليل الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري والضغط وأمراض القلب، من خلال نشر التثقيف الصحي وتوفير بيئة تشجع على الحركة والتغذية السليمة.
تعزيز روح المشاركة المجتمعية
أحد أهم أسس المدن الصحية هو إشراك المجتمع المحلي في اتخاذ القرارات الصحية لتعزيز شعور الانتماء وتحفيز الأفراد على المبادرة والمساهمة.
دعم التحول الرقمي
استخدام التقنيات الحديثة في مراقبة جودة الهواء وتحليل البيانات الصحية، وتطبيقات التوعية الالكترونية في المجال الصحي.
المدن الصحية كركيزة لرؤية 2030
تعد المدن الصحية من الوسائل الفعالة لتحقيق أهداف برنامج جودة الحياة، أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، حيث تسعى المملكة إلى:
- زيادة متوسط عمر الفرد إلى أكثر من 80 عام.
- رفع نسبة ممارسة النشاط البدني.
- تقليل التلوث البيئي.
- زيادة المساحات الخضراء في المدن.
- دعم برامج الوقاية والكشف المبكر.
ولذلك، فإن المدن الصحية ليست مشروعًا منفصل بل هي جزء من رؤية شاملة تضع الإنسان أولاً، وترتكز على تطوير شامل للبيئة الحضرية والاجتماعية والصحية.
تمثل المدن الصحية في السعودية نموذج حضاري وتنموي يظهر فيه بُعد إنساني وتقني اجتماعي، ويمهد لبناء مجتمع أكثر وعي وصحة. ومع الدعم المستمر من الدولة، والمشاركة الفعالة من المواطنين، يتوقع أن تتحول المدن السعودية إلى بيئات نموذجية تعزز الرفاهية وتحقق التنمية المستدامة في حياة كل فرد على أرض المملكة.